*بطولة النخبة.. حين تهمس الكرة أن لا كبير إلا بالعطاء*

✍️ *أنور ابنعوف*
*وشوشة الرياح: بطولة النخبة.. حين تهمس الكرة أن لا كبير إلا بالعطاء*
في كل موسم، كان الدوري السوداني يهبط بثقله في انتظار لحظة تتويج لا تتغير كثيرًا، نفس الوجوه، ذات الأسماء، والحسابات تُحسم غالبًا قبل أن تتكلم الأقدام. لكن في هذا العام، جاءت بطولة *دوري النخبة* لتُربك هذا النسق الرتيب، وتعيد ترتيب الكراسي على خشبة مسرح الكرة السودانية.
منذ صافرة البداية، أخذت الرياح تُهمس بشيء جديد. نتائج المباريات الأولى لم تكن عابرة، بل رسائل مشفّرة لكل من ظن أن “التاريخ” يمكن أن يحكم الحاضر. الفرق التي جاءت من خارج دائرة الضوء، قررت أن تشعل الضوء بنفسها، وأن تضع أقدامها بقوة في منتصف الدائرة، تناور، تنافس، وتُربك.
انتصارات فرق كالأمل عطبرة، الزمالة، وهلال الساحل، وتعادلات مستحقة من الأهلي مدني ومريخ كوستي، كشفت أن هذه البطولة لا تخضع للنواميس القديمة. هناك قتال على كل كرة، وتحولات تكتيكية تدل على عمل فني جاد. كأن النخبة هي النسخة التي انتظرناها طويلًا، نسخة تعطي كل ذي اجتهاد حقه، لا وزنًا لشهرة، ولا حصانة لاسم.
وما يزيد هذا المشهد إثارة أن التحكيم –حتى اللحظة– يسير على درجة معقولة من الحياد، وهو ما لم نعهده كثيرًا في المواسم السابقة. عدالة الصافرة، مهما كانت بسيطة، منحت الفرق ثقة بأن المباراة لا تُدار خارج الملعب.لأول مرة، تبدو البطولة مفتوحة على كل الاحتمالات. الفرق الصغيرة لم تعد تسعى للخروج بأقل الخسائر، بل تدخل لتفوز، لتُسجل، وتُذهل. اللاعب المحلي، المُهمّش إعلاميًا، بدأ يُعبّر عن نفسه بثقة، والمدربون المحليون يحاولون تثبيت أساليب لعب منظمة رغم ضعف الإمكانات.
وإذا سارت الأمور بهذا الزخم، دون تدخلات أو “تسويات مكتبية”، فقد نشهد مع نهاية الموسم مفاجآت مدوية، لا فقط بخسارة فريق كبير، بل بصعود من كان يُحسب على الهامش إلى قلب المحفل الإفريقي.
بطولة النخبة هذا العام ليست مجرد منافسة، بل مرآة لواقع كروي يُعيد صياغة نفسه. إنها رسالة صريحة تقول:
*”لا كبير إلا بالعطاء.. ولا قمة بلا عرق”.*
*فلتواصل الرياح وشوشتها.. فقد بدأت الحكاية للتو.*
تحياتي ….
Share this content: