*الجنينة توثّق للديمقراطية.. وبرقو يفتح أبواب الأمل*

*وشوشة الرياح*
*الجنينة توثّق للديمقراطية.. وبرقو يفتح أبواب الأمل*
✍️ أنور أبنعوف
في مدينة عانت طويلاً من ويلات الحرب وآثار النزوح والانقسام، يبرز مشهد انتخابي رياضي أشبه بشمعة تُشعل في عتمة الأزمات. اتحاد الجنينة لكرة القدم، بقيادة الدكتور حسن محمد عبدالله برقو، يعيد رسم المشهد الرياضي والسياسي في دارفور بأسلوب متفرد، قوامه الشفافية والديمقراطية والإرادة الوطنية.
حين تسلّم الاتحاد المحلي المُنتخب خطاب اعتماده الرسمي من الاتحاد السوداني لكرة القدم، لم يكن الأمر إجراءً روتينياً، بل كان بمثابة تتويج لنضال طويل، ومسيرة مثقلة بالتحديات القانونية والإدارية والأمنية، لكن برقو وفريقه عبروا بها بثبات وإصرار، وأثبتوا أن الرياضة يمكن أن تنتصر حيث تفشل السياسة أحياناً.
اللافت أن الدكتور برقو لم يكتفِ بالإشادة بالاتحاد العام، بل خصّ بالشكر نائب الرئيس ورئيس اللجنة القانونية معتز الشاعر، الذي قاد هذا الملف بحنكة واقتدار. برقو قالها بوضوح: “اللجنة القانونية تعاملت بمهنية شفافة أغلقت الأبواب أمام الفتنة والتشكيك، ووفرت أرضاً صلبة لبناء اتحاد محلي ينهض بالمهمة لا يلهث خلف الكراسي”.
ولأن برقو رجل ميدان، لا يهوى المكاتب المكيفة، فقد بدأ فعلياً في تحريك عجلة النشاط بالجنينة، واضعاً تأهيل الاستاد على رأس الأولويات، بجانب رعاية الأندية التي ستمثل الولاية قومياً. وهو يُدرك تماماً أن تطوير البنى التحتية يُمهّد لخلق بيئة تنافسية حقيقية، خاصة في ولاية تزخر بالمواهب التي لم تجد الفرص الكافية
لكن المشهد الأكثر إشراقاً في هذه التجربة، كان التزام أعضاء الجمعية العمومية، الذين تحمّلوا عناء السفر والمخاطر الأمنية ليشاركوا في يوم رياضي ديمقراطي نادر. لقد لبوا النداء من أجل ترسيخ مفاهيم الأهلية، بعيداً عن الولاءات والمصالح الضيقة. فكانت الجمعية العمومية بمثابة استفتاء شعبي على وحدة الرياضيين في الجنينة.
اليوم، تفتح هذه الخطوة باباً للأمل، ليس فقط للجنينة، بل لكل مدن السودان التي تبحث عن ضوء وسط ركام الأزمات. فنجاح هذا النموذج يؤكد أن الرياضة ليست ترفاً، بل هي وسيلة فاعلة لبناء السلام وترسيخ القيم، عندما تُدار بحكمة ورؤية.
الدكتور برقو لا يدير اتحاداً محلياً فقط، بل يُدير حالة وطنية تستحق أن تُحتذى. هو يدرك أن كرة القدم في دارفور ليست مجرد لعبة، بل هي طوق نجاة لجيل بأكمله، ولهذا جاءت خطواته متأنية، محسوبة، ومدروسة.
الجنينة اليوم تعيش وهجاً رياضياً غير مسبوق، بفضل رجال آمنوا أن الرياضة قد تُصبح بوابة للسلام، إذا وُضع لها من يذود عنها. وبرقو، كما عرفناه، لا يفرّط في الأمل، حتى وإن اشتدت العواصف.
فليكن هذا النجاح نواة لانطلاقة أكبر… فـ”الملعب” الآن جاهز، و”الكرة” في مرمى الجميع.
Share this content: