,

مرحلة فلوران مع الهلال السوداني

مرحلة فلوران مع الهلال السوداني: دروس من مشروع لم يكتمل*
كتب .. انور علي ابنعوف
في كرة القدم، كما في الحياة، لا يُقاس النجاح فقط بالنتائج، بل أحيانًا بالتحولات التي تخلقها التجربة، مهما كانت نهايتها. وهذا بالضبط ما ينطبق على تجربة الكونغولي “فلوران إيبينغي” مع نادي “الهلال السوداني”. فرغم أنها لم تُكلَّل بالتتويج القاري الذي كانت تطمح إليه جماهير الأزرق، إلا أنها شكلت مرحلة مفصلية في مسار النادي، وطرحت تحديات عميقة على من سيخلفه في المهمة.

*مشروع فني بطموح قاري*

وصل فلوران إلى الهلال في منتصف 2022 قادمًا من نهضة بركان المغربي، محمّلاً بتجربة إفريقية ناجحة، وأفكار فنية حديثة. لم يكن مجرد مدرب عابر، بل تم التعاقد معه لتأسيس مشروع متكامل يضع الهلال ضمن كبار القارة.

اعتمد فلوران على الكرة الشاملة، وضغط المساحات، وبناء اللعب من الخلف. كما راهن على توليفة من اللاعبين المحليين والعناصر الأجنبية، ساعيًا لتكوين “فريق متجانس”، قادر على منافسة فرق القمة الإفريقية.

*إنجازات ومكاسب رغم الخروج*

بلغ الهلال تحت قيادته دور المجموعات في دوري أبطال إفريقيا، وقدم أداءً تنافسياً أمام فرق بحجم الأهلي المصري وصنداونز الجنوب إفريقي. لكنه خرج من البطولة في اللحظات الأخيرة، في سيناريو دراماتيكي.

رغم الإقصاء، حقق الفريق مكاسب عدة:

تطور واضح في هوية اللعب… تحسين البنية الذهنية والانضباط التكتيكي….. بروز عناصر واعدة…. واكتساب الثقة أمام خصوم كبار.


عدم الاستقرار الإداري والفني: تغيّرات متكررة داخل النادي أثّرت على سير المشروع كالضغوط الجماهيرية العالية. فجمهور الهلال يطالب بنتائج فورية، ما جعل الصبر على المشروع صعبًا. وفوق ذلك صعوبات السفر واللعب خارج الديار بسبب الوضع الأمني، ما أثّر على الحضور الذهني للاعبين.
بالاضافة لغياب ملعب دائم بمعايير إفريقية
والهوّة في التجربة بين اللاعبين المحليين وخصومهم من شمال وغرب إفريقيا.

*التحديات التي تنتظر المدرب القادم*

المدرب الذي سيخلف فلوران، أيًا يكن اسمه، لن يبدأ من نقطة الصفر، لكنه سيواجه واقعًا معقدًا:

– ضرورة البناء على ما تحقق دون نسف المشروع الفني السابق.
– تشكيل فريق قادر على المنافسة القارية، وليس فقط المحلية.
– إدارة غرفة الملابس في ظل تعدد الجنسيات والثقافات.
– الحفاظ على ثقة الجماهير في ظل التغييرات المتكررة.
– مواكبة الاستثمار الإداري الضخم بعطاء فني موازٍ.

*خاتمة: ما بعد فلوران… بين الطموح والواقعية*

رحيل فلوران لا يعني فشل التجربة، بل يُظهر أن مشروع الهلال ما يزال في طور التشكل، ويحتاج إلى رؤية طويلة الأمد وصبر استراتيجي. التحدي الآن هو الاستفادة من ما مضى، وتفادي أخطاء الماضي، ووضع أسس ثابتة لبناء فريق لا يخشى الكبار، بل يصبح منهم.

الهلال يمتلك القاعدة الجماهيرية، والإدارة الطموحة، والدعم المالي، لكنه بحاجة لمدرب يؤمن بالمشروع أكثر من الانتصار العابر، ويعرف أن النجاح القاري لا يُصنع في موسم واحد.

Share this content:

Exit mobile version