,

الهلال بلا رأس ولا أساس!

الهلال بلا رأس ولا أساس!

العمود الحر
بقلم || عبدالعزيز المازري

رئيس الهلال خرج قبل أيام ليُبشّر بتغييرات، لكنه لم يُقدّم شيئًا سوى كلام مكرور عن “تصحيح المسار”. تلك التغييرات ظلّت مجرد حديث، لم تتجاوز الإطاحة بالمدرب، وربما لا تلبث حتى تُسحب، ويُعاد من طُرد! جمهور الهلال لم يعُد يثق في مثل هذه التصريحات، بعد أن تعوّد على وعود تتبخّر عند أول منعطف.

نائب القطاع الرياضي عوض طارة، ونائب الأمين العام رامي كمال، كرّرا الأسطوانة ذاتها: حديث فضفاض، تلميحات لإصلاحات شكلية، لم تمسّ جوهر الأزمة. فكيف نصدّق حديثهم، ورأس المشروع – إبراهيم العليقي – ما زال ممسكًا بكل الخيوط، يُقصي ويُقرّر ويُدير وحده؟ ثلاث سنوات بلا بطولة، بلا هوية، بلا بناء، والعليقي ما زال يُدير الهلال كأنه ضيعته الخاصة.

رئيس القطاع الرياضي يجب أن يكون أول الخارجين. فشل في تقديم أي مشروع، وكان سببًا مباشرًا في الانهيار الفني وتفريغ الفريق من أعمدته، وبدلًا من الاستقالة كما فعل رؤساء سابقون تولّوا نفس المهمة وخرجوا بهدوء عندما عجزوا، نجده يواصل العبث كأنما يحمل تفويضًا إلهيًا. من قبل، رؤساء تولوا ذات المهمة، وحين فشلوا، غادروا بلا صخب. أما اليوم، فالفشل يُكافأ بالاستمرار، والصلاحيات تتوسع، وكأن الخراب يُدار بقوة الدفع الذاتي.

الهلال ترك الساحة خالية للفرق الأخرى لتكسب اللاعب الوطني، بينما هو انصرف إلى سياسة الاستيراد الأفريقي، وأغلق الباب أمام أبنائه. قائمة المعارين والمشطوبين توضح حجم النزيف والشتات: أبوعاقلة عبدالله، ، محمد المنذر، أحمد طقة، مبارك عبدالله، الشعلة، نيمار، إمبابي، عماد الصيني، طلال عادل، سيرجيو بوكو، باسط سيدو، مانو، وسليمان عزالله.

بل إن المريخ بات يفاوض بعض هؤلاء دون إذن أو احترام، كما حدث مع عثمان ميسي، شخو، قلق، وعزالله، والهلال يكتفي بالمشاهدة! أين الهيبة؟ أين السيادة؟ كيف يتعامل نادٍ بحجم الهلال مع ملف لاعبيه بهذا التسيب؟

الفريق يستعد لبطولة النخبة بفريق مبتور: لا مدرب، لا جهاز فني مكتمل، لا محترفين، وقائمة محلية لا تتجاوز 14 لاعبًا، كثير منهم لم يخض مباراة واحدة كاملة. آخر أعمدة الدفاع، أرنق، تلقى عرضًا رسميًا من تنزانيا، وقد يلحق بركب المغادرين، دون تقدير، دون كلمة وداع.

والقائمة المهملة والمُبعثرة تزداد في كل موسم، دون مراجعة أو اعتراف بالأخطاء. عماد الصيني تنتهي إعارته ولا أحد يعلم إن كان سيُعاد أو يُقصى كغيره. المجلس يُراهن على أسماء تراجع عطاؤها مثل أبوعشرين، فارس، بوغبا، الطيب، ومزمل، في وقت يُقصى فيه الشباب، ويُهمّش أبناء النادي.

أما الإعلام، فمشغول بالتلميع والتزيين: “الهلال يتحرك”، “المعسكر ينطلق”، “الخماسيات تُشعل الغربال”، عناوين فارغة لا تُخفي الفشل المتراكم. واقع يقول إن الهلال بلا مدرب حراس، بلا معسكر، بلا إعداد، بلا رؤية، وبلا خريطة طريق.

ثم يعود فلوران إلى الواجهة! المدرب الذي أشرف على أكبر عملية تفريغ فني في تاريخ الهلال، يُطرح من جديد كأنما هو المنقذ! الرجل الذي أدار مشروع التدمير، وسحق هوية الهلال، يُعاد له الاعتبار فقط لأنه الخيار الوحيد.

لا توجد شفافية مالية. لا تقارير. لا وضوح في الصرف أو المداخيل. تسجيلات بالجملة، إعارات، شطب، ولا أحد يسأل لماذا؟ الهلال تحوّل من نادٍ كبير إلى منصة تدوير للاعبين. لا هوية، لا محاسبة، لا رؤية.

مشروع العليقي الاستثماري ما هو إلا فوضى مُغلفة بشعارات. كل موسم أسماء جديدة، كل موسم دماء تُستنزف، وكل موسم ننسى من غادر، ونُزيّن من أتى. من لم يستطع بناء فريق خلال ثلاث سنوات، لن يفعلها في معسكر بورتسودان، ولا بخماسيات تنزانيا.

الهلال الآن هو فريق موسمي. كل شيء يُدار بالعاطفة، وكل فشل يُغلّف بعناوين النجاح. من تبقى من اللاعبين بالكاد شاركوا في ثلاث مباريات مكتملة. من غادروا؟ لا أحد يسأل. من بقي؟ لا أحد يُراهن عليه.

القرار لا يُتخذ إلا بإشارة من العليقي. المجلس أصبح لجنة تصفيق، والإعلام يروّج للسراب، والجمهور يُمنّى بالأوهام.

حين يُصبح الهلال نادٍ عابر للاعبين، لا صانعًا لهم، فلا تسألوا عن التتويج. بل اسألوا: من أقصى أبناء النادي؟ من ملأ الفريق بلاعبي ترانزيت؟ من فضّل التلميع على التخطيط؟

هذا هو واقع الهلال اليوم: نادٍ يُدار بفكر فردي، بلا مؤسسة، بلا مشروع، بلا هوية.

** كلمات حرة:**
الهلال اليوم لا يفتقد فقط مدربًا أو لاعبًا… بل يفتقد *النية الحقيقية في البناء.* ومَن يُقصي أبناءه، لن يجدهم ساعة الجد، لا في عطبرة، ولا في الدامر.

**كلمات حرة أخرى:**
الهلال لا يحتاج لمن يدفع فقط، بل لمن يُفكّر ويبني ويُحاسب. نادٍ بلا محاسبة، بلا عقل جماعي، وبفكر فردي لا يسمع إلا صوته… لا مستقبل له.

لن نصفّق لمشروع دمار…
ولن نُهلل لتسجيلات منتصف الليل…
الهلال حين يعود لأبنائه، فقط حينها… سنُصفّق!

**خاتمة ساخرة:**
عايزين تبنوا الهلال؟
ابدأوا بشطب العليقي من دفتر العناد…
وقبل ما تسجلوا أجانب، سجلوا احترام لعقول الناس!

Share this content:

Exit mobile version