,

تراثنا في البازارات… رقص وابتذال باسم السودان

هلال وظلال
عبد المنعم هلال
تراثنا في البازارات… رقص وابتذال باسم السودان

حضرت مؤخرًا ما سُمي بـ(بازار سوداني) في الإسكندرية، وتوقعت فعالية تعكس وجه السودان الثقافي، لكنني وجدت فوضى وعشوائية، ورقصات مبتذلة، وسلع لا تمت لهويتنا بأي صلة، وكأن الهدف مجرد لقطة فيديو لا أكثر.
تساءلت: هل هذه الصورة التي نريد تصديرها عن السودان؟ البازارات بالخارج، بدلًا من أن تكون نافذة تعكس تراثنا، أصبحت في كثير منها سوقًا عشوائيًا مشوهًا لهويتنا.
البازارات من حيث المبدأ يفترض أن تبرز تنوعنا الثقافي، وتُعرف الآخر بحضارتنا، لكنها تحولت إلى منصات للابتذال، بعروض راقصة وأزياء لا تمثل الزي السوداني، ومحتوى سطحي يثير الخجل.
حتى في الدول التي تنظّمها بشكل جيد – كدول الخليج – غالبًا ما تكون الفعالية فقيرة في مضمونها، مليئة بالبضائع المستوردة والرقص الجماعي والثرثرة.
اللوم لا يقع فقط على المنظمين، بل يمتد إلى السفارات السودانية التي تكتفي بالحضور الشكلي دون رقابة أو توجيه، كما أن بعض الجاليات تحوّل هذه الفعاليات إلى وسيلة للبروز الاجتماعي أو تصفية الحسابات، لا خدمة الوطن.
ما نراه اليوم لا يمت للتراث السوداني بصلة؛ فلا وجود للفنان أو الحرفي أو الكاتب أو المبدع الحقيقي. لا نرى لوحات تشكيلية ولا مجسمات نوبية ولا كتبًا تعريفية بتاريخنا، بل موسيقى صاخبة وسلع رخيصة تحت شعار “التراث”.
المؤسف أن السودان، البلد العريق، يُختزل في هذه المظاهر السطحية، بينما تغيب النخبة عن المشهد تمامًا.
البازارات يجب أن تكون منصات تعكس هويتنا، لا سوقًا للابتذال والتكسب. آن الأوان لمراجعة شاملة لمفهوم البازار السوداني بالخارج، فإما أن يقدم صورة مشرفة، أو لا يُقام.
نحتاج لإعادة الاعتبار للفعالية الثقافية، بأن تكون منبرًا للإبداع لا للتفاهة، وأن يكون معيار المشاركة هو القيمة، لا العلاقات الشخصية.
إذا أردنا للعالم أن يحترم السودان، فلنبدأ نحن باحترام صورته أولًا. فليس كل من يرفع لافتة “بازار سوداني” يمثلنا، وليس كل من يشارك يُشرفنا.
فلنحمِ السودان من الابتذال باسم التراث… قبل أن يتحول الجرح إلى ندبة لا تُمحى.

Share this content:

Exit mobile version