
*”الذهب لا يخشى النار”*
العمود الحر
عبدالعزيز المازري
يدخل الهلال معركة “النخبة” في ظروف ليست مثالية، ولا حتى مقبولة، لكنها تفرض علينا، كجماهير وكتّاب ومحبين، أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نضع أي خلافات أو انتقادات في خانة الانتظار، لأن الهلال لا يملك اليوم ترف الوقت ولا رفاهية الانقسام. ما يمر به الفريق الآن يتطلب دعمًا نفسيًا ومعنويًا حقيقيًا، لا شعارات فارغة ولا تدوينات مرتعشة، بل وقفة قوية وصوت ثابت وثقة لا تتزعزع في اللاعبين الوطنيين الذين وجدوا أنفسهم فجأة في صدارة المشهد، بعد موسم كانوا فيه في الظل.
نعم، الهلال اليوم بلا محترفين أجانب، بعد أن اختار المجلس الصمت وترك الأمر لتصريحات “مشاترة” من رامي كمال، وكأن اللاعب الأجنبي مخلوق من طينة مقدسة لا يطالها قانون. المجلس، الذي كان يملك حقًا قانونيًا واضحًا في إلزام لاعبيه، فضّل الانسحاب خلف التبرير، وكأن البطولة لا تعنيه، أو كأن الفريق لا يحتاج من يدعمه فعليًا لا قولًا.
لكننا لسنا الآن في مقام اللوم، ولن نخوض في تفاصيل مشروع فاشل استنزف الهلال موسمين كاملين من الركض دون وجهة. نحن اليوم مع الهلال، مع الشعار، مع القميص، مع الفرقة التي تمثل الأزرق في عطبرة والدامر، بكل ما فيهما من عشق صافٍ، وانتماء لا يُشترى ولا يُستورد. نحن مع الهلال لأن الهلال يستحق، لا لأن المجلس يقنع.
ثقتنا اليوم في أبناء الوطن، في الذين لم تُتح لهم الفرصة سابقًا، والذين عليهم الآن أن يثبتوا أن كرة القدم لا تُختزل في جواز سفر أجنبي، وأن الروح عندما تحضر، تتقزم الفوارق، وتنهار الفوارق المصطنعة بين المحلي والمحترف. علينا أن نُؤمن أن من يرتدي الشعار اليوم قادر على كتابة المجد، إذا منحناه الثقة والدعم والمؤازرة.
وها هو خالد بخيت، المعلم، يتقدم الصفوف دون تردد، بعد أن أصبح فجأة هو المدرب الأول، في ظل غياب الطاقم الفني واستمرار التجاهل الإداري. خالد لا يبحث عن مجد شخصي، بل يقاتل من أجل الهلال، كما فعلها من قبل حين ضاقت الخيارات واحتاج الفريق إلى رجل موقف. وخالد، كما نعرفه، ابن الهلال، الذي يؤمن بأن القيادة تكليف لا تشريف، سيمنح الفريق ما يستطيع، وسيقاتل بما يملك، ولا شك أنه سيُعد أبناء الفريق كما يليق بالهلال.
إلى جانب خالد، يقف مدير الكرة عبدالمهيمن، الذي يعرف دهاليز الفريق، ويعرف كيف يُعدّ اللاعبين نفسيًا، لكن الأمانة تقتضي أن نقول للمجلس: الهلال لا يُدار من المكاتب، ولا يُساند بالتصريحات. الهلال يحتاج إلى وجود فعلي في الملعب، إلى تواجد إداري حقيقي يشعر معه اللاعبون بأن ناديهم لم يتركهم، وأن البطولات لا تُحقّق عبر البيانات الصحفية.
نطالب اليوم، وبوضوح، بتعيين معد نفسي مع الفريق، وتوفير كل الأدوات الممكنة لهذا الجهاز الوطني الذي يحمل حلم البطولة في ظروف بائسة. لا يُعقل أن يُترك الفريق وحده في أهم بطولات الموسم، بلا مدرب أجنبي، ولا تجهيز نفسي، ولا دعم ميداني من المجلس. من يُريد الذهب، عليه أن يعبّد الطريق له، لا أن يزرع أمامه الشوك.
عطبرة والدامر ستضجان بالزرقة، وستغنيان باسم الهلال، واللاعبون الذين ارتدوا الشعار اليوم لا يمثلون أنفسهم، بل يمثلون كل مشجع هلالي غاضب، وكل قلب زرق في الحلق. نُريد من هذه الكوكبة الوطنية أن تقول كلمتها، أن تقاتل من أجل الكأس، أن تُبرهن أن الهلال لا يُقهر إذا توفرت له الإرادة، وأن المجد لا يُشترى، بل يُنتزع.
نقف مع الهلال الآن لا لأن الظروف مثالية، بل لأن الرجال يُعرفون في الشدائد. نُؤمن بخالد، نُؤمن باللاعبين، نُؤمن أن البطولة ليست بعيدة، متى ما اجتمع الصدق مع الجهد، والنية مع الروح. نحن لا نمنحهم فقط أصواتنا… بل قلوبنا، وثقتنا، وتاريخًا بأكمله ينتظر منهم أن يُكتب من جديد.
—
*كلمات حرة:*
* مطلوب من رامي كمال أن يترك التصريحات جانبًا، ويتجه فورًا إلى عطبرة، ليكون بين اللاعبين في أهم محطة بالموسم، لا خلف المايكروفون.
* العليقي الذي يملك المفتاح، عليه أن يفتحه الآن، لا أن ينتظر صفارة النهاية، فالهلال لا يحتاج إلى إداري موسمي بل إلى رجل أزمة.
* البطولة لا تُمنح بالتمني، بل تُنتزع بالحضور، وبالعرق، وبالوجود في قلب المعركة، لا على أطرافها.
* الهلال لا يريد دعمًا شكليًا، بل وقفة إدارية صادقة، صلبة، تحفّز، وتشحن، وتقاتل مع اللاعبين من الخارج كما يقاتلون في الداخل.
* من يُريد أن ينتصر، فليحضر. ومن يتهرب من اللحظة، فلا يحق له التلويح بالمنصة.
*كلمة حرة أخيرة:*
يا سَلام!يا خالد ابوشيبه
ما دام في الهلال معلم اسمه *خالد بخيت*…
وما دام خلفه أقمار الوطن،
فلا خوف على الهلال،
فالسبورة كُتب عليها بخط عريض:
*هنا يتكلم الهلال.*
Share this content: