
🌬️ وشوشة الرياح
عناق بعد غياب
✍️ أنور أبنعوف
الجمعة القادمة لن تكون يومًا عاديًا في ذاكرة مدينة عطبرة، ولن تمر كغيرها على صفحات جماهير الهلال. فهناك، على ضفاف النيل، حيث تهب رياح الشوق من كل اتجاه، تستعد “أم درمان الثانية” لاحتضان المعشوق بعد طول غياب.
الهلال يعود، وجماهيره تفتح ذراعيها لعناق انتظرته المدرجات، وتلهفت له القلوب، وتحدثت به الألسن في المقاهي والميادين والأسواق. عناق بعد غياب، لكنه ليس مجرد لقاء في مباراة عابرة، بل احتفال بانتماء لا يتبدد، وعهد متجدد مع المجد الأزرق.
في عطبرة، لا تُعد الجماهير بالآلاف، بل تُحسب بالنبضات. وكل من يرتدي الأزرق هناك، يحفظ أسماء اللاعبين كما يحفظ أسماء أبنائه. يعرف متى أحرز فلان هدفًا، ومتى تصدى فلان لركلة جزاء أنقذت الحلم. هنا، لا يتغير الولاء بتبدل النتائج، ولا تنكسر المحبة بخسارة عابرة.
اليوم، تعود هذه الجماهير لترى فريقها وجهًا لوجه، بعد أن ظلت تتابعه خلف الشاشات، وتردد الهتاف في صمت البيوت. تعود لتعيد لمدرجات الإستاد صخبها الجميل، وتمنح اللاعبين جرعة من الحنين والالتزام.
الهلال، الفريق، والرمز، والتاريخ، يعود ليصافح الأرض التي لطالما أنجبت مشجعين لا يتبدلون، مهما تبدلت الإدارات أو تبددت البطولات. ويكفي أن تقام المباراة في عطبرة، لتدرك أن المشهد سيكون مشحونًا بالحب، مغمورًا بالحماس، ومكسوًا باللونين الأزرق والأبيض.
هي لحظة “عناق”، نعم، لكنها أيضًا لحظة اختبار. لأن من يُحَب بهذا القدر، لا يُسامَح بسهولة إن خذل. الجماهير تنتظر أداءً يوازي الشوق، وروحًا تليق بهذا الوفاء، وعزيمة تنتمي لهتافاتٍ صدحت قبل أن يُطلق الحكم صافرته.
الجمعة القادمة… موعد مع الهلال، موعد مع عطبرة، وموعد مع الوطن الذي لا يزال يخبئ للكرة السودانية فصولًا من الدهشة، إن نحن صدقنا الحلم.
Share this content: