,

هذا ما اخشاه عليك يا متعة الانظار

وشوشة الرياح

هذا ما اخشاه عليك يا متعة الانظار
أنور ابنعوف

يمضي الهلال الآن في معترك لا يشبهه، لا زماناً ولا مكاناً ولا حتى مضموناً. يخوض دوري النخبة بلا محترفيه، وسط أرضية أقرب إلى مصيدة للإصابات منها إلى ملعب لكرة القدم. يركض لاعبوه على عشب متهالك، كأنهم في نزال مع الأرض لا مع الخصوم، يتعثرون، يتألمون، ويخرجون مصابين واحداً تلو الآخر، كما حدث في المباراة الأولى، حين أنقذ العلاج السريع محمد عبد الرحمن ورفاقه من كارثة، لكنها إنذار مبكر لقادم لا يُبشر بخير.

مشاركة قسرية في بطولة يفترض أن تكون تمهيداً لدوري الأبطال، فإذا بها تتحول إلى نكسة إعدادية! فبدلاً من التحضير الجاد، أصبح الفريق مهدداً باستنزاف عناصره، وتآكل طاقته، وتراكم الإصابات في جسد نصف مكتمل بلا أجانب، بلا راحة، بلا طمأنينة.

السؤال الجوهري هنا: ما الفائدة المرجوة من خوض هذه البطولة وسط كل هذه العثرات؟ الم يكن ان تشارك فيها اندية لها قدرات مادية خارج الديار كما رشح سابقا
حتي تتاح فرصة إعداد محترمة، تحفظ أرجل لاعبيه، وتضمن له الحد الأدنى من الجاهزية؟ لكن لا جواب.. أو لنقل: لا أحد يريد أن يجيب.

الاتحاد العام، الذي استلم – حسب ما أشار الزميل خالد عز الدين – مبلغ 200 ألف دولار من الفيفا لدعم هذه البطولة، اكتفى بتحويل العبء كله للأندية. الإعاشة والسكن والسفر على حسابها، أما الملاعب فحدث ولا حرج. أرضية تصلح لكل شيء إلا كرة القدم، ويُقال إن البطولة “قومية”، فهل هذه القومية تُقاس بالمكان أم بالمستوى؟ أم أن شعار الاتحاد هو: “ادفعوا نحن نجني.. وأنتم اسقطوا كضحايا الملعب”؟

بعد نهاية النخبة، سيشد الهلال الرحال لمعسكر خارجي، حيث ينضم إليه محترفوه الجدد والقدامى، ليستعيد شيئاً من روحه الممزقة، في محاولة لإعداد يُناسب مقام دوري الأبطال. لكن، أي إعداد هذا الذي يُبنى على أطلال لاعبين مصابين، يجرّون خلفهم آثار ملاعب محلية لا تعرف من الاحتراف إلا اسمه؟

الاتحاد العام لكرة القدم، وهو من ظل يُدار كإقطاعية مغلقة لأربع دورات، لا يزال يختبئ خلف شمّاعة “الظروف والحرب”، وكأن الحرب وحدها من تتحمّل وزر الفشل الإداري! الحرب دخلت عامها الثالث، فهل يُعقل ألا تكون هنالك خطة بديلة؟ رؤية لتأهيل الملاعب؟ حتى ولو بأقل التكاليف؟ أليست هذه هي اللحظة التي تُظهر فيها الإدارات كفاءتها لا عجزها؟

الجمهور لا يطلب المستحيل. هو لا يريد كراسي فاخرة ولا مظلات باذخة، فقط يريد أن يُشاهد فريقه في ظروف تحفظ كرامته وكرامة لاعبيه. يفرش كرتونة أو حذاءه ليجلس، ولا يشتكي. يدفع من قوته ليملأ عينه بفريقه، ثم يذهب. كل ما يطلبه هو أرضية تُشبه اللعبة التي يحبها.

فهل هذا كثير؟
هل الحفاظ على صحة لاعب أصبح ترفاً في بلادنا؟
هل أصبح “الاستشفاء” أهم من “الإعداد”؟
وما الذي تبقّى لنا حين تصبح كرة القدم سبباً في تهديد اللاعبين لا صقلهم؟

أجيبونا.. بصراحة هذه المرة.

Share this content:

Exit mobile version