الهلال … من النشوة إلى الهاوية: قراءة في أسباب التراجع

مـــــــوجة بحــــــــر

بقلم || خالدة البحــــــر

الهلال … من النشوة إلى الهاوية: قراءة في أسباب التراجع

1 / وهم الإنجاز المبكر: نشوة مؤقتة وثمن باهظ للطموح المحدود

لم يكن خروج الهلال من دور الثمانية بسبب الخسارة في مباراتي دور ربع النهائي فقط، بل بدأ أنه نتيجة مباشرة لحالة الرضا المبكر التي تسللت إلى بعض المسؤولين، وعلى رأسهم تصريحات العليقي وفلوران التي أشارت إلى تحقيق “الإنجاز” والهدف المنشود ببلوغ هذا الدور. هذا التصور خلق وهماً بالاكتفاء بالحد الأدنى، وكأن التأهل كان نهاية المطاف وليس محطة نحو هدف أبعد يستحق القتال. هذا التفكير أدى إلى عدم التحضير الذهني والتكتيكي اللازم للمرحلة التالية، حيث لم يتم التعامل مع دور الثمانية كهدف جديد يستحق القتال والحماس للمضي قدماً في البطولة، بل كنهاية طبيعية لمسيرة الفريق. هذا الاكتفاء المبكر قلل من طموح اللاعبين وحافزهم، مما انعكس سلباً على الإعداد الذهني وأدائهم في دور الثمانية، حيث بدأ الفريق وكأنه فقد الشرارة والرغبة في المنافسة بقوة، وكلف الهلال فرصة المنافسة الحقيقية. هذا الوهم بالإنجاز المبكر أثر سلباً على الإعداد الذهني للاعبين وكلف الهلال فرصة المنافسة الحقيقية. هذا الوهم بالإنجاز المبكر زرع بذور التراجع، فهل يمكن تجاوز هذه العقلية في المستقبل؟
2 / شماعة التحكيم: تخدير الذات وتقويض الطموح في التوقيت الحرج …تبرير الهزائم يقتل روح المسؤولية
عقب الهزيمة في الديربي أمام المريخ، اتجه العليقي لتحفيز اللاعبين عبر تبرير النتيجة بأخطاء تحكيمية محتملة. بغض النظر عن صحة هذه الادعاءات، فإن التركيز على الأخطاء التحكيمية كتفسير رئيسي للخسارة في هذا التوقيت الحساس يبعث برسالة سلبية للفريق. حتى لو كانت هناك بالفعل أخطاء تحكيمية، فإن التركيز عليها كتفسير رئيسي للهزيمة يحمل مؤشراً سلبياً للغاية.
في أعقاب أي إخفاق، الأهم هو غرس ثقافة المسؤولية والشجاعة في مواجهة الأخطاء الذاتية. عندما يتم تقديم مبررات خارجية للخسارة، فإن ذلك يقلل من مسؤولية اللاعبين ويضعف من دافعهم في المباريات الهامة القادمة، خاصة قبل مواجهات مصيرية مثل مباريات الأهلي المصري. فإذا كان هناك دائماً “كبش فداء” جاهز (كالتحكيم)،فلن يكون هناك حافز قوي لتجاوز التحديات والقتال بشراسة، مما يخلق اتكالية ويقلل من الرغبة الحقيقية في التطور والانتصار. ويؤثر سلباً على الأداء في المباريات المصيرية. كيف يمكن للفريق التخلص من هذه “الشماعة” والتركيز على نقاط قوته وضعفه؟
3 / دور المحلل بين التهميش والفعالية: علامات استفهام حول تأثير الجهاز الفني المساعد
يثير الأداء المتذبذب للهلال تساؤلات جدية ومتصاعدة حول الدور الحقيقي لمحلل الأداء الإثيوبي في الجهاز الفني. هل يقوم بعمله على الوجه الأكمل ويقدم تحليلات مستفيضة ودقيقة يتم الاستفادة منها في إعداد الخطط للمباريات؟ أم أن هناك قصوراً في عمله أو فجوة بين عمله وتطبيقها على أرض الملعب؟ الاحتمال الآخر الأكثر إثارة للقلق هو عدم اعتماد المدرب فلوران على آراء المحلل أو عدم اقتناعه بتحليلاته أو عدم تطبيقها بالشكل المطلوب.
الملاحظ اللافت والأكثر وضوحاً هو التكرار المبالغ فيه والكربوني للأخطاء الفردية والجماعية في أداء الفريق في كل مباراة، بالإضافة إلى عدم وجود قراءة جيدة أو القدرة الواضحة على قراءة نقاط قوة وضعف المنافس بشكل فعال. حتى المتابع العادي للمباريات يلاحظ ثغرات في أداء الخصوم ويستطيع في كثير من الأحيان تحليل نقاط قوة وضعف المنافس وتقديم حلول تكتيكية أفضل مما يظهر على أرض الملعب. هل العلة تكمن في عدم جودة التحليلات المقدمة أم في عدم أخذها على محمل الجد أو عدم ثقة المدرب بها أو عدم تطبيقها بالشكل المطلوب من قبل المدرب؟ هذا الأمر يستدعي مراجعة وتقييم جاد لدور الجهاز الفني المساعد وفعاليته، وضمان التكامل بين عمله ورؤية المدرب.
4 / من قمة البداية إلى قاع النهاية: منحنى الأداء الهابط والتحول الدراماتيكي في النتائج ينذر بمشكلة عميقة
خلقت البداية القوية والمثالية للهلال في دور المجموعات، بتحقيق العلامة الكاملة وتسع نقاط من أول ثلاث مباريات وتسجيل خمسة أهداف واستقبال هدف واحد فقط، انطباعاً إيجابياً عن مستوى الفريق وطموحاته وتوقعات عالية لدى الجماهير. لكن ما تلا ذلك كان بمثابة انهيار مفاجئ ومثير للقلق، وتحولاً جذرياً وسلبياً في الأداء والنتائج. حصد الفريق نقطة واحدة فقط في المباريات الخمس التالية، وسجل هدفاً وحيداً، بينما استقبلت شباكه ثمانية أهداف. هذا التباين الصارخ والتحول الكارثي في الأداء يطرح العديد من التساؤلات العميقة حول أسباب هذا التراجع الحاد والمفاجئ في المستوى. هل يتعلق الأمر بالإرهاق البدني والذهني للاعبين؟ أم بوجود خلل تكتيكي لم يتم تداركه؟ أم بتأثير الإصابات وغياب بعض العناصر الأساسية؟ هذا التدهور الكبير في النتائج والأداء يشير إلى وجود مشكلة عميقة تحتاج إلى تشخيص دقيق وعلاج فعال لتجنب تكرارها في المستقبل ويستدعي تحليلاً معمقاً لتحديد نقاط الضعف والعمل على معالجتها بشكل جذري. و تقييم شامل لبرامج الإعداد البدني والذهني والخطط التكتيكية.
5 / شبح الإخفاق في اللحظات الكبرى: عقدة المباريات الحاسمة وتأثيرها على الثقة
يبرز سجل المدرب فلوران في المباريات الحاسمة كأحد النقاط السلبية التي تثير قلقًا كبيرًا لدى جماهير الهلال وتحتاج إلى وقفة جادة. يتجلى ذلك في الفشل في تحقيق الفوز على صنداونز في مباراة كانت الفرصة مواتية ، لتسهيل مهمة التأهل المبكر لربع النهائي، ثم عدم استغلال الفرص المتعددة والفشل أمام الأهلي المصري في دور المجموعات لضمان التأهل وهو يدخل المباراة بثلاث فرص للتأهل (الفوز، التعادل، أو حتى الهزيمة بفارق هدفين)، يضاف إلى ذلك الخروج من نصف نهائي سيكافا أمام الجيش الرواندي، وأخيراً الإقصاء من ربع نهائي أبطال أفريقيا على يد الأهلي المصري مرة أخرى. هذه السلسلة والتكرار للإخفاقات في اللحظات الهامة تثير الشكوك والتساؤلات حول قدرة المدرب على قيادة الفريق في المواجهات الكبيرة والتعامل مع الضغوط النفسية والتكتيكية المصاحبة لها، مما يؤثر سلباً على ثقة اللاعبين والجماهير في قدرة الفريق على تجاوز العقبات الكبيرة وتحقيق الألقاب. هذا السجل السلبي يحتاج إلى وقفة جادة ومراجعة شاملة لاستراتيجيات الفريق في المباريات المصيرية.، وربما استشارة مختصين نفسيين لتعزيز الثقة والقدرة على التعامل مع الضغوط.
اللهم أنصر الجيش السوداني والهلال فوق كل أرض وتحت كل سماء
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
الحمد لله الذي جعل الهلال ميقات للناس وتاج يزين هأَمات المآذن .

Share this content:

Exit mobile version