الهلال وحادثة لكصر: قراءة في الأخطاء وتطلعات المستقبل.

موجة البحر
خالدة البحــــــر
الهلال وحادثة لكصر: قراءة في الأخطاء وتطلعات المستقبل.

من نافلة القول أن الخطأ جزء أصيل من الطبيعة البشرية، وهو أمر وارد في أي ميدان. بيد أن هذا لا يبرر التغاضي عن الأخطاء أو التقليل من شأنها، بل يستوجب الاعتراف بها والسعي الجاد لتصحيحها. إن الإقرار بالخطأ ليس منقصة في حق المخطئ، بل هو دليل على شجاعته ونزاهته. وعلاوة على ذلك، فإن الشفافية في التعامل مع مثل هذه القضايا تعزز ثقة الجماهير وتقلل من حدة الانتقادات.
في أعقاب قرار الاتحاد الموريتاني لكرة القدم باعتبار نادي الهلال خاسراً مباراته أمام لكصر بسبب مخالفة لوائح إشراك اللاعبين الأجانب، حيث تم الدفع بستة لاعبين بدلاً من خمسة، اتجهت أصابع الاتهام في الغالب نحو السيد عبدالمهيمن، باعتباره المسؤول المباشر عن هذا الجانب. من المنطقي أن يتحمل القيادي مسؤولية ما يقع في نطاق إدارته. ويُعد الالتزام الصارم باللوائح والقوانين حجر الزاوية في مفهوم الاحترافية، وأي تهاون في هذا الجانب يسيء بشكل مباشر لصورة النادي ومكانته.
إلا أن البعض رأى في تحميل عبدالمهيمن المسؤولية محاولة لاصطياد الأخطاء أو استهدافاً شخصياً له، نظراً لخدماته الطويلة للنادي. وتناسى هؤلاء أن مبدأ المحاسبة هو نهج رباني، حتى لو صدر الخطأ من أرفع الناس قدراً. ففي سورة عبس، عاتب الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم على انشغاله عن عبدالله بن مكتوم. هذه القصة تُتلى وتُتدارس لتكون لنا نبراساً ومنهجاً إلى يوم القيامة.
كان الأجدر بالسيد عبدالمهيمن أن يبادر بتحمل المسؤولية، والاعتراف بالخطأ، وتقديم اعتذار واضح، مع التعهد بعدم تكراره. وكان على مجلس الإدارة أن يتبنى هذا الموقف رسمياً . لو تم ذلك، واكتفت الإدارة بتوجيه لفت نظر لعبدالمهيمن نظراً لكونه الخطأ الأول من نوعه، لتم تفويت الفرصة على المشككين والمتربصين. لكن، للأسف، الصمت المريب الذي تنتهجه الإدارة في كثير من القضايا الهامة يفتح الباب واسعاً أمام هؤلاء لتأليف الروايات التي تسيء لسمعة الهلال واستقراره.
لا يجادل أحد في مكانة السيد عبدالمهيمن أو ينكر إسهاماته القيمة على مدار سنوات عديدة. وكان خير تقدير لهذا العطاء هو أن يتخذ الموقف المتوقع من أي مسؤول في موقعه: الاعتراف، ثم الاعتذار، ثم الوعد بعدم التكرار.
المؤسف أننا اعتدنا عند وقوع أي خطأ اللجوء إلى التبرير والتغطية، بل والانتقام ممن يطالب بالمساءلة، باتهامه بزعزعة الكيان أو اغتيال الشخصيات، وغيرها من السيناريوهات الجاهزة التي يروج لها البعض ظناً منهم أنهم بذلك يدافعون عن النادي، وهم في الحقيقة يلحقون به الضرر.
لو كان الأمر كذلك، فما الحاجة إلى وضع اللوائح والقوانين والجزاءات والمحاسبة؟ الأصل في نجاح أي مؤسسة هو سريان القانون على الجميع، الكبار قبل الصغار، وإلا تحول القانون إلى أداة لمحاسبة الضعفاء وإفلات الكبار، كما في قصة المرأة المخزومية الشهيرة.
تقتضي العدالة، عند محاسبة من يرتكب خطأ للمرة الأولى، مراعاة الظروف وتوقيع عقوبة مخففة أو الاكتفاء بلفت النظر، حسب طبيعة الخطأ وتأثيره. لكن هذا لا يعني إغفال المحاسبة ذاتها. ولتجنب تكرار مثل هذه الأخطاء مستقبلاً ، من الضروري وضع آليات واضحة ودقيقة لمراجعة قوائم اللاعبين وبياناتهم والتأكد من استيفائهم لجميع الشروط القانونية والإدارية قبل كل مباراة.
لقد تجرعنا مرارة عواقب تبرير الأخطاء وتشجيع اللامبالاة عندما تم، كما يُشاع، تحفيز اللاعبين بعد الهزيمة أمام المريخ، مع تبرير الخسارة بأخطاء التحكيم. هذا الأمر أدى إلى حالات طرد أخرى في مباريات لاحقة وتراخي اللاعبين وهدر النقاط، لأن العذر كان حاضراً والحافز على الهزيمة موجوداً أيضاً.
اللهم أنصر الجيش السوداني والهلال فوق كل أرض وتحت كل سماء
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
الحمد لـله الذي جعل الهلال ميقات للناس وتاج يزين هأَمات المآذن

Share this content:

Exit mobile version