مصطفى سيد احمد بعيون جلال الصحافة

الممشى العريض
خالد ابو شيبة
مصطفى سيد احمد بعيون جلال الصحافة
ويحدثنا الأستاذ جلال الصحافة حديث القلب حديث الشجن حديث الذكريات المليئة بالمواقف الإنسانية العظيمة عن صديقه وزميله وأحب الناس إلى قلبه كما يقول؛ مصطفى سيد أحمد ومن كرامات مصطفى أن جلال الصحافة يتحول الى شخص آخر عندما تأتي سيرة مصطفى فكأنما هالة من القدسية تنزلت عليه يتحدث بمنتهى الانضباط والجدية والتركيز بمنتهى الحب بمنتهى الحزن فماذا فعلت أبا سامر حتى تجبر كل من يعرفك ليقف اجلالٱ ومهابة عندما يستعرض سيرتك ومسيرتك وسريرتك تلك النظيفة النقية ذات البياض البلوري؟
يقول جلال مصطفى ولد عملاقٱ وسيظل في نظر كل أصحابه ومحبيه عملاقٱ إلى ابد الابدين تجربته مختلفة تفاصيله مختلفة حياته مختلفة وكل شيء فيه لا يشبه إلا نفسه تعرفت عليه في مركز شباب الخرطوم جنوب فلفت انتباهي واهتمامي وهو حال كل من استمع إليه كان جادٱ في تعامله تشعر بمسحة حزن غريبة في محياه في الحانه وفي كل تفاصيل حياته كان يكثر من البروڤات على غير عادتنا وكثيراً ما كنت أتحدث معه واطالبه بالتخفيف خوفٱ عليه من الإجهاد والتعب كان يقول لي أنه يعرف ما يفعل وأنه يسابق الزمن حتى يصل بمشروعه الفني إلى المحصلة التي يحلم بها، كان ينازعه هاجس الرحيل، الهاجس الذي طغى على كل أغانيه والبسها ثوب الحداد والكثير من أغاني مصطفى ارتدت ثوب الحزن رغم أنها فرايحية مثل ” دقوا مزيكا الحواري رقصوا البنوت اعرضو” مزيكا ورقص وفرح لا أعرف كيف تحول كل كرنفال الفرح الجمالي هذا الى لحن حزايني يثير في دواخل المستمع الشجون ويحرك كوامن الحزن النبيل؟
يمضي جلال في حديثه الذي يقول إنه للتاريخ والحقيقة ويتحدث عن الجوانب الإنسانية في مصطفى فيقول ما رأيت في حياتي شخصاً في نبل مصطفى وحساسيته ورقة حاشيته وكرمه وحبه للبلد والناس ذات مرة جاء الي الدكتور عثمان وهو صديق وجار وكان قادماً من المملكة العربية السعودية لإتمام مراسم زواجه قال لي قررت أن تكون ليلة الزفاف بالفنان مصطفى سيد احمد وأنا لا أعرفه إلا من خلال اغانيه ولم التقيه من قبل قلت له سنذهب الآن لمصطفى بمنزله ضاحية الديوم الشرقية وعندما وصلنا وجدناه كالعادة منهمك في أداء بروڤة انتظرنا حتى خلص من أداء الأغنية اتذكر جيدٱ أنها كانت “السمحة قالوا مرحلة” رحب بنا وبالغ كعادته في الاحتفاء وقبل أن ندخل معه في التفاصيل كانت وجبة العشاء أمامنا كيف حدث هذا وبكل هذه السرعة؟ تلك تفاصيل لا تبدو غريبة على من يعرف الرجل بعدها عرفته بالدكتور الذي أصر على أن يكون مصطفى نجم ليلة زفافه ليباغتنا الرجل بالأسئلة الصعبة ليه اخترت مصطفى بالتحديد؟ وهل شاورت العروس؟ أنا فنان مسرح وكثيرون درجوا على إحياء حفلال الاعراس مثل جلال هذا فلماذا أنا؟ دكتور عثمان أجاب بأنه ما تمنى أن يغني في عرسه غير مصطفى وأنه أخبر كل من حوله بذلك .. يواصل جلال تأثر مصطفى لدرجة البكاء ويخيل لي حينها أنه شعر بأن مشروعه قد اينع.
وعندما دخلنا في التفاصيل المالية وسألنا مصطفى كم ستتقاضى نظير الحفل قال انه لا يريد مالاً ويكفيه فقط هذا الحب ليسألني دكتور عثمان كم يا جلال تتقاضى في الحفل؟ قلت له 120 جنيهاً فقال أنا يا مصطفى الحمد لله مقتدر وشرف كبير أن تغني في زوجي وسأمنحك مبلغ 250 جنيهاً وأقسم أن لا يسمع اي كلمة من مصطفى في هذا الأمر وبالفعل أبدع مصطفى في تلك الليلة وغنى بمنتهى الحب بمنتهى الإخلاص.
يقول جلال كنت أداعب مصطفى واقول له” اغانيك ذات الطابع الرمزي دي ما بتأكلك عيش” كان يضحك ويقول لي تذكر يا جلال سيأتي يوم تقطع فيه تذكرة عشان تحضر حفلاتي وهذا ما حدث بالضبط فقد اضطررت لقطع تذكرة لحضور أحدي حفلاته بقاعة الصداقة وعندما رأني ابتسم وتذكر وعده لي .. مصطفى لم يكن فناناً عادياً بنى إسمه بالجهد والكد والإصرار سابق الزمن لأجل أن يبلغ حلمه لأنه كان يعرف بدنو أجله وأقسم أنني ما حزنت على أحد بقدر حزني على رحيله ذلك الحزن الذي لم تمسحه الأيام.. رحم الله مصطفى الفنان المثقف صاحب مشروع الفن الرسالي الذي أنظر الآن وبعين الرضاء والإعجاب لتزايد شعبيته وسط الجيل الجديد من الشباب وهذا ما يؤكد عبقريته.
Share this content: