محمد موسى أهل العوض .. الضحكة السودانية التي عبرت إلى بلاد العم سام

عبد المنعم هلال يكتب
محمد موسى
أهل العوض .. الضحكة السودانية التي عبرت إلى بلاد العم سام
ـ تلعب النكتة دوراً هاماً في المجتمعات حيث تستخدم كوسيلة للتعبير عن الرأي والنقد الاجتماعي وتخفيف التوتر وتعتبر النكتة انعكاساً لواقع المجتمع تعبر عن همومه وتطلعاته وتستخدم كأداة للتعبير عن المواقف التي قد يكون من الصعب التصريح بها بشكل مباشر كما أنها تسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد من خلال المشاركة في الضحك والتسلية.
لكن كما أن للنكتة أثراً إيجابياً فقد تحمل أبعاداً سلبية إذا ما استخدمت بشكل غير مسؤول مثل تعزيز الصور النمطية السلبية أو التمييز ضد فئات معينة لذا من المهم أن يكون هناك وعي بكيفية تأثير النكات على المجتمع والأفراد وأن تستخدم كأداة بناء وتواصل إيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة للهدم أو الإساءة.
نجح الكوميديان السوداني محمد موسى في عكس واقع المجتمع السوداني من خلال (الاسكتشات) والنكات التي كان يرويها ومن خلالها كسب قاعدة جماهيرية كبيرة فهو الرجل الذي زرع الابتسامة على شفاه السودانيين بنكاته الخفيفة واشتهر في كافة ربوع السودان بقولته الشهيرة (أهل العوض الجابو الباقة).
محمد موسى.. رحلة الضحك والنجاح
ـ ولد محمد موسى في قرية ود النجومي بولاية النيل الأبيض وهي قرية جميلة تقع شرق النيل وتحازي مدينة شبشة وتقطنها قبيلة العوضاب وبدأ مشواره الفني مع فرقة (تيراب الكوميديا) عام 1993 حيث قدم عروضاً كوميدية ساخرة تناولت قضايا المجتمع بأسلوب فكاهي.
عرفه الجمهور عبر أسلوبه الفريد في تقديم النكتة والتي صنعت منه نجماً مميزاً في عالم الكوميديا السودانية حيث أصبح اسمه مرادفاً للضحك والمتعة ولا تحلو النكتة إلا عندما يضيف إليها نكهته الخاصة وأسلوبه المميز في إلقاء النكات.
اشتهر ببرامجه التلفزيونية مثل (صالون الفكاهة) و(الشروق مرت من هنا) حيث كان يجوب أنحاء السودان يوزع الهدايا ويقدم النكات مما جعله شخصية محبوبة لدى الجمهور.
شائعة الوفاة ورد الفعل
ـ في أبريل 2024 انتشرت شائعة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بوفاة محمد موسى لكنه سرعان ما نفى هذه الشائعة بأسلوبه الفكاهي المعروف حيث قال: (صحيت من النوم لقيت رسائل كمية في تلفوني قايل في زول مات طلعته أنا الميت وما عارف) وأضاف (من محاسن الشائعة انه عرفت من حضر للعزاء والدفع في الكشف والحضر الفراش).
ولاقى هذا التعليق الساخر تفاعلاً واسعاً بين محبيه حيث عبروا عن ارتياحهم لكون الخبر مجرد شائعة وأشادوا بروح الدعابة التي يتمتع بها حتى في مثل هذه المواقف.
الهجرة إلى أمريكا
ـ في عام 2017 فاز محمد موسى في اللوتري الأمريكي وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية واستقر به المقام بولاية كارولاينا الشمالية وأصبح أحد أعمدتها ورغم البعد والهجرة لم يبتعد عن جمهوره حيث واصل إبداعاته من هناك محافظاً على ارتباطه بالسودان وروحه الفكاهية المميزة.
محمد موسى في حوار خاص
ـ في حوار صحفي أُجرته معه احدي الصحف في أكتوبر 2010 كشف محمد موسى عن بعض الجوانب الشخصية في حياته قائلاً:
عن الأكل المفضل لديه: (أنا بحب فتة الفول لأنها ما بتغلط عليّ لأني زول مريض وعندي مصران وحوامض لكن ما أكضب عليك بحب الشية مع الشلة.)
عن طفولته: (أنا ود حبوبات وربتني حبوبتي وأمتع أيام حياتي كانت مع الحبوبة وكنا بنرمي الودع في قرية ود النجومي وبحضر دق الزار وكنت بلحس الفنجان وبحاكي حبوباتي.)
عن الأغاني المفضلة لديه قال: (كل من يغني باللهجة السودانية وأستمع لمحمد وردي وابن البادية وحسين شندي.)
ـ الكوميديا السودانية رسائل الضحك العميق والكوميديا ليست مجرد وسيلة للضحك والتسلية بل هي أداة تعكس واقع المجتمع وتنتقده بطريقة غير مباشرة ومحمد موسى هو واحد من أبرز الفنانين الذين استخدموا الكوميديا لنقل رسائل هادفة بأسلوب بسيط يصل إلى قلوب الناس بسهولة.
محمد موسى ليس مجرد كوميديان بل هو حالة فريدة في المشهد الفني السوداني استطاع أن يجعل الابتسامة لغة مشتركة بين جميع السودانيين مستفيداً من موهبته الفطرية وقدرته على محاكاة الواقع بأسلوب ساخر لا يخلو من الحكمة.
يبقى محمد موسى أحد أبرز الأسماء في الكوميديا السودانية ورغم الهجرة لم ينقطع عن جمهوره بل ظل مرتبطاً بالوطن مواصلاً رسالته رغم ضغوط العمل والاغتراب إن تأثيره في نشر الابتسامة وتعزيز الروابط الاجتماعية من خلال الفكاهة يجعله فناناً استثنائياً يعكس روح السودان بكل تلك التفاصيل الجميلة.
Share this content: