🔵 *مشروع الهلال… لا مشروع الأفراد: نحو استراتيجية مؤسسية للذهب الأفريقي*

🌀 *مـــــــوجة بحــــــــر*
🔵 *مشروع الهلال… لا مشروع الأفراد: نحو استراتيجية مؤسسية للذهب الأفريقي*
🖋 *خالدة البحــــــر*
عقب كل خروج من معترك البطولات الأفريقية، يعود النقاش ليحتدم حول تقييم مسيرة النادي وما تحقق وما أخفق فيه. مؤخراً، برز مصطلح “مشروع العليقي” في أوساط الجماهير والمحللين، وهو ما يجرنا لسؤال محوري: هل ما نسعى إليه هو مشروع فرد مرتبط ببقاء أو رحيل شخص، أم هو مشروع الهلال، الكيان الشامخ بتاريخه وعراقته؟
الفارق بين الاثنين جوهري وعميق.
مشروع الفرد، مهما كانت النوايا حسنة، يظل رهيناً برؤية شخص واحد وقابلاً للزوال بانتهاء ولايته أو تغيّر قناعاته. أما الخطة المؤسسية للهلال، فهي استراتيجية بعيدة المدى، يشارك في صياغتها وتنفيذها جميع أبناء النادي، ويمتد تأثيرها عبر الأجيال والإدارات المتعاقبة. إنه حلم مشترك يخص كل هلالابي، ويستمد قوته من تاريخ النادي وطموحات جماهيره العريضة.
إن تسمية أي مسعى باسم فرد هي بداية غير موفقة، بل قد تكون معول هدم لطموحاتنا. فهي تعلي من شأن الفرد على حساب المؤسسة، وتخلق بيئة قد يرى فيها البعض نفسه فوق النقد والمشورة، مما يقود في نهاية المطاف إلى القرارات الفردية التي قد لا تخدم مصلحة الكيان على المدى الطويل.
فما هو “مشروع الهلال” الذي نصبو إليه؟ إنه الحلم الأزلي بتحقيق الأميرة السمراء، لقب دوري أبطال أفريقيا الغالي. هذا الحلم لا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل يتطلب تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى، يقوم على أسس متينة وخارطة طريق واضحة.
*هناك ثلاث طرق رئيسية لتحقيق هذا الحلم:*
*1 بناء فريق من شباب واعد:* على غرار تجربة مازيمبي الناجحة، يعتمد هذا الخيار على اكتشاف المواهب الشابة وصقلها وتوفير البيئة المثالية لنموها. إنه استثمار طويل الأمد يضمن مستقبلاً مشرقاً للنادي.
*2 المزج بين الشباب والخبرة:* يمثل هذا الخيار توازناً بين الحاضر والمستقبل، حيث يستفيد الشباب من تجارب اللاعبين المخضرمين، ويضخون الحيوية والطموح في الفريق. يتطلب هذا الاختيار الدقيق للاعبين وتوظيف خبراتهم بكفاءة.
*3 الاعتماد على لاعبي الخبرة:* قد يحقق هذا الخيار نتائج سريعة على المدى القصير، ولكنه قد لا يضمن الاستدامة ويتطلب قدرة هؤلاء اللاعبين على الحفاظ على مستواهم العالي.
*لتفعيل هذه الرؤية المؤسسية بشكل حقيقي، لا بد من:*
*تشكيل لجنة تخطيط استراتيجية:* تضم هذه اللجنة خبراء في كرة القدم، إداريين أكفاء، ورموزاً من النادي والجماهير، لوضع رؤية استراتيجية شاملة وخارطة طريق واضحة لتحقيق الهدف.
*وضع خارطة طريق مفصلة:* تحدد هذه الخارطة الأهداف المرحلية القابلة للقياس، والخطوات التنفيذية لتحقيقها، والموارد اللازمة، ومؤشرات الأداء الرئيسية لتقييم التقدم. يجب أن تغطي الخارطة جوانب تطوير البنية التحتية، أكاديمية النادي، الاحترافية، التعاقدات، والتطوير الفني والتكتيكي.
*تطبيق نظام تقييم دوري للأداء:* يتم من خلاله تحليل التقدم المحرز في كل مرحلة، وتحديد نقاط القوة والضعف، وتصحيح المسار عند الحاجة. يجب أن يكون التقييم موضوعياً وشفافاً.
*اختيار أجهزة فنية وإدارية كفؤة:* بناءً على معايير واضحة وتقييم أدائهم بشكل مستمر بناءً على تحقيق الأهداف المرحلية. يجب أن يتمتع الجهاز الفني برؤية فنية حديثة وقدرة على تطوير اللاعبين وتطبيق التكتيكات المناسبة.
*إشراك القاعدة الجماهيرية:* من خلال التواصل المستمر وإطلاعهم على تفاصيل الخطة وأهدافها، والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم. الجماهير هي الداعم الأول للنادي وشريك أساسي في تحقيق النجاح.
*ضمان الاستقرار الإداري والمالي:* الاستقرار الإداري يساهم في تنفيذ الخطط بفاعلية، والاستقرار المالي يضمن توفير الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف. يجب وضع خطط مالية مستدامة تضمن استمرار هذا المسعى.
*إضافة هامة:* يجب أن يتضمن “مشروع الهلال” بناء هوية لعب مميزة للفريق، يعرف بها على المستوى القاري، وتعتمد على نقاط قوة اللاعبين السودانيين مع الاستفادة من خبرات المحترفين. كما يجب التركيز على تطوير الجانب الذهني للاعبين ليكونوا قادرين على التعامل مع الضغوط في البطولات الكبرى.
*موجة :* وإزاء الطرح المؤسسي المتكامل الذي قدمه المقال، يبقى التساؤل قائماً حول حقيقة ما يجري في الهلال حالياً: هل يرقى ذلك لمستوى استراتيجية شاملة، أم أنه أقرب إلى مبادرات فردية تفتقد للهيكل الواضح والمسؤوليات المحددة التي تميز الخطط المؤسسية المتكاملة؟ فالإدارة تتحدث عن مشروع، لكن عند التساؤل عمن وضع لبناته الأولى وصاغ رؤيته الاستراتيجية، ومن هم الأيدي التي تنفذ أهدافه على أرض الواقع، والأهم، من هي الجهة التي قامت بتقييم الأداء الأخير في المحافل الأفريقية وما هي التوصيات التي انبثقت عنها، لا نجد إجابات واضحة تشير إلى عمل مؤسسي منظم.
فالمشروع يتطلب هيكلاً واضحاً، وتحديداً للمسؤوليات، وآليات للمساءلة والتقييم، وهو ما يثير التساؤل عند البحث عن إجابات واضحة حول من خطط، ومن نفذ، ومن قيم الأداء الأخير، حيث لا نجد ما يشير إلى عمل مؤسسي منظم. لذا، فإن وصف ما يحدث بـ “إشراقات” قد يكون توصيفاً أدق يعكس غياب الرؤية الاستراتيجية الشاملة والمساءلة المنتظمة التي تميز المشاريع المؤسسية الحقيقية.
لذا، فإن غياب هذه المعالم والآليات الواضحة للمساءلة والتقييم الدوري يؤكد أن ما نشهده أقرب إلى جهود متفرقة تفتقر للرؤية الاستراتيجية الشاملة والمساءلة المنتظمة اللازمة لتحقيق إنجازات مستدامة وفق أسس مؤسسية راسخة.
ختاماً إن تحقيق حلم البطولة الأفريقية ليس مجرد أمنية، بل هو هدف يمكن تحقيقه من خلال عمل مؤسسي منظم ومستدام. يجب أن تكون الاستراتيجية المؤسسية للهلال هي البوصلة التي توجه جهودنا، خطة يشارك فيها الجميع ويستفيد منه الجميع، مسعى يخلد اسم الهلال في سجل الأبطال الأفارقة.
*اللهم أنصر الجيش السوداني والهلال فوق كل أرض وتحت كل سماء*
️ *اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً*
️ *الحمد لله الذي جعل الهلال ميقات للناس وتاج يزين هأَمات المآذن .*
Share this content: