هلال وظلال

‏شعب يعيش في العراء النفسي والاجتماعي والاقتصادي

هلال وظلال
‏عبد المنعم هلال
‏شعب يعيش في العراء النفسي والاجتماعي والاقتصادي

‏ـ لم تعد الحرب مجرد أخبار في الشريط العاجل بل أصبحت خبز المواطن اليومي والموسيقى الخلفية لحياته التي صارت بلا سيناريو وهذه ليست حرباً بالمعنى التقليدي بل طاحونة تجرف كل ما تجده في طريقها إنساناً وحجراً وذاكرة ومستقبلًا.
‏ـ نحن الآن شعب تحت الأنقاض… ولكن لا أحد يحاول إنقاذنا ..!
‏ـ الحالة النفسية عيادة مفتوحة بلا طبيب وإذا أردت أن ترى شعباً يمشي وداخله ميت تعال إلى السودان ..!
‏ـ كل سوداني اليوم هو (حالة نفسية) تمشي على قدمين من كان يهاب سماع صوت الرصاص بات يتكئ عليه لينام ومن كانت دموعه قريبة جفت مشاعره تماماً والأطفال باتوا يعرفون أسماء الطائرات والذخائر أكثر من أسماء الطيور والاألعاب والنساء أصبحن يعشن في رعب دائم لا من الأعداء فقط بل من المصير المجهول.
‏ـ نحن بحاجة إلى جيش من الأطباء النفسيين وليس العسكريين ومراكز دعم لا مراكز إحصاء الجثث ومسؤولين يضعون المواطن في الاعتبار قبل أن يضعوا توقيعاتهم على الاتفاقيات الفارغة لكن للأسف الدولة صامتة والعلاج متروك للصدف أو الموت.
‏ـ الحالة الاجتماعية مجتمع على شكل أشلاء والحرب فجرت كل القيم وهدمت كل ما تبقى من تماسك اجتماعي والأسرة السودانية التي كانت مضرب مثل في التراحم تفككت والنزوح دمر السكن والقتل دمر الثقة والجوع دمر الكرامة.
‏ـ لم يعد هناك (جارك منو ..؟) بل (منو الباقي حي هنا ..؟). الفرح أصبح زائراً نادراً والعرس حدثاً مؤجلاً والجنائز مهرجاناً يومياً.
‏ـ أصبحنا نتناول أخبار الموت كتناولنا ل(الوجبات) اليومية بعد أن أصبحت من الأخبار (الاعتيادية) ..!
‏ـ الشباب ..؟ إما في طابور الهروب إلى الخارج أو في قائمة الانتظار لرحلة بلا عودة أو في صف (التكايا)…!!
‏ـ الحالة الاقتصادية (جيب فاضي وقلب موجوع) ..! وما تبقى من الاقتصاد السوداني لا يصلح حتى لمادة في برنامج ساخر والمواطن الآن يحسب مصاريفه بـ(النفس الطالع ونازل) وليس باليوم.
‏ـ الراتب (إن وجد ) لا يكفي لشراء (طماطمايات) يسدن (طمام البطن)  أما السوق فصار (سوق أسود) في كل شيء في الأسعار وفي التعامل وفي الضمير ..!
‏ـ من يملك الدولار يملك القرار ومن يملك زمام توزيع (الاعانات) القادمة من وراء البحار يملك النجاة والبقية ينتظرون رحمة التجار أو بليلة (التكيات).
‏ـ من المسؤول ..؟ سؤال ترف في زمن الخراب ..!
‏ـ المسؤولون إما مشغولون بـ(التفاوض على المناصب) وتوزيع الحقائب الوزارية أو (التغريد في الوسائط) بالمنشورات العبثية وأما الشعب فيتفاوض مع (رغيف العيش) على (البقاء) والبحث عن أبسط مقومات (الحياة) ..!
‏ـ نحتاج لثورة داخلية قبل أن نحلم بأي سلام خارجي.
‏ـ نحتاج لمسؤول يشعر بنا لا يتحدث عنا ..!
‏ـ نحتاج لإعلام يكشف لا يلمّع.
‏ـ نحتاج لضمير وطني لا (لجنة وطنية) ومليشيات (عسكرية).
‏ـ نحتاج لإرادة شعبية تنتفض على الخراب لا تهادنه وتشجعه.
‏ـ هذه الحرب لم تقتلنا بالرصاص فقط بل قتلت الحلم والثقة والضحكة، والهوية ولكي ننهض علينا أولاً أن نعترف بأننا في الحضيض لا أن نضع العطور على الجثث ..!

Share this content:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock