رشفات من نخب الحقيبة

مواسم الارتحال
بقلم:
عبدالمنعم ترير
لزوم مالايلزم في الشعر
” لزوم ما لا يلزم ” هو فن في الشعر يلتزم فيه الشاعر بحروف وحركات في القافية لا تتطلبها قواعد علم القافية وإنما يفعل ذلك لزيادة الإيقاع الموسيقي وللدلالة على مهارته اللغوية كأنْ يكون الحرفان الأخيران أو الثلاثة الأخيرة متماثلة في كلّ القوافي
ومنه قول كثير عزة
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت
ومسا ترابا كان قد مس جلدها وبيتا وظلا حيث باتت وظلت
ولا تيأسا أن يمحو الله عنكما ذنوبا إذا صليتما حيث صلت
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ولا موجعات القلب حتى تولت
في هذه الأبيات التزم الشاعر ما لا يلزمه فجعل قبل حرف الروي (التاء) حرفا آخر يكرره في كلّ القوافي وهو اللاّم المشدّدة
ومنه التزام صفي الدين الحلي للراء قبل الروي (القاف) في قوله:
يا سادة مذ سقت عن بابهم قدمي
زلت وضاقت بي الأمصار والطرق
ودوحة الشعر مذ فارقت مجدكم . قد أصبحت بهجير الهجر تحتـــــــــرق
ومنه التزام أبي العلاء المعري ثلاثة أحرف قبل الروي في قوله (من الرمل):
ما يشأ ربك يفعل قـــادرا . جل عن كل مقال واعتـراض
قد تجمعنا على غير هدي وتفرقنا على غير تــــــراض
وللشاعر أبي العلاء المعري ديوان ضخم سماه “اللزوميات” خصصه لهذا اللون من الشعر
وقد ظهر هذا المحسن المكتمن في شعر الحقيبة
وقد اوغل فيه وبرع الشاعر صالح عبد السيد ابو صلاح وتجلت براعته في اغنية زهرة الروض الظليل. والتي اخذ فيها قافية لام ويا ولام وتارة ياء ولام
يا أهيف يا ذو الطرف الكحيل
يا صدرك عالي وخصرك نحيل
وفي اغنية ام در
امتي ارجع لامدر واعودا
اشوف نعيم دنيتي وسعودا
اغنية نسايم الليل
نسائم الليل كلمي
وللبريد روحي كلمي
واخذنا هنا ابوصلاح كمثال ولتفرده في هذا المحسن مثلما أخذنا ود الرضي مثالا في التشطير
وضربنا في التخميس مثلا
بأحمد حسين العمرابي والعشوق
وهنا يجب ان نقف ونضيف لابو صلاح شاعر من فحول الحقيبة وهو الشاعر سيد عبد العزيز ونأخذ له قصيدة كمثال يتفق مع مانحن بصدده وقد تجلي فيها نظما وقافية وظهر فيها محور بحثنا هذا لزوم مالايلزم وهو اغنية مداعب الغصن الرطيب
والتي نختم بنصها كاملا هذا المقال كهدية
وهذه الاغنية وصفها الدكتور عون الشريف قاسم حين قال عنها انها مثال للتعايش السلمي بين الاديان والسحنات بأدرمان والسودان عامة وهو ارث امتد حتي اليوم بالقري والفرقان واحياء المدن عكس ما يحاول ان يتاجر بعض مرضي السياسة والمتاجرة بالجهوية والقبلية
فى بنانك ازدهت الزهور
زادت جمال ونضار وطيب
يالمنظرك للعين يطيب
تبدل الظلمات بنور
وتبدل الأحزان سرور
إن شافك المرضان يطيب
تعجبنى والشىء العجيب
هادي وأليف ماك النفور
بى عفتك صنت السفور
والحسن والأصل النجيب
انا وانت فى الروض يا حبيب
راق النسيم وحلى للمرور
بقى أحلى من ساعة السرور
وأدق من فهم اللبيب
والروضة فى موقع خصيب
حضنوها واتلافوا النهور
ترى فيها انواع الزهور
من كل لون أخدت نصيب
يانع ثمارها ونص وطيب
أِبه بربات الخدور
الإتبرجن فى يوم حبور
زادن جمال ونضار وطيب
فى الروض غنى العندليب
ورددوا غناه الطيور
ترتيل أناشيد الحبور
وفتيانها يوم عيد الصليب
دنت الثريا بقت قريب
بين السلوك فى تانى دور
فى ثانية كم سطعت بدور
وأهلة كان نوعن غريب
شىء ينعش الروح فى الأديب
ويحيى روح ميت الشعور
للقاك تنشرح الصدور
ويفرح القلب الكئيب
نلتقي ونواصل بإذن الله
فتكم بعافية
خلوا باب الريد متاكا
ابوالمعصوم
Share this content: