
لهذا السبب تركت الغناء وتقوى الله المخرج لبناء سودان جديد
تغنّيت للجيش في القصر.. والقحاتة هدّدوني بالقتل.. واليوم المواقف تنصفني
حاوره/ نادر عطا
حتى عندما كان فناناً تتسابق عليه الأسر لإحياء مناسباتها، ظل “صلاح ولي” يردد على الدوام ويدعو الحضور في ختام حفلاته إلى تقوى الله عز وجل وبرّ الوالدين ويقدم وصاياه الثلاث ”أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله” وعليكم ببر الوالدين، والوصية الأخيرة السودان قادمٌ لا تيأسوا من رحمة الله ثم يختم بقوله: أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه الغفور الرحيم، فَقَدَ “ولي” في الحرب اللعينه كل ما يملك، عربته البرادو، شقته بحي الشاطئ بكل مستلزماتها والبيت الكبير بأم درمان شارع الأربعين، ظل صامداً شأنه شأن كل سوداني فَقَدَ شقى عمره، لم يبرح الخرطوم إلا بعد مرور أشهر من الحرب بعد أن ساءت أحواله، كان عند العهد والوعد بأن لا يغني وأهله يموتون ظلماً، ثم جاء قراره الشهير بترك الغناء والتفرغ للعبادة وحفظ كتاب الله.. قال رأيه بصراحة في الحرب وعلّق على فوضى الفنانين، وأوضح أسباب اعتزاله الغناء والكثير الذي تطالعونه عبر النقاط التالية:
———————————————————–
*اعتزل صلاح ولي الفن بعد اشتعال الحرب اللعينة.. هل هو تقرب لله أم أسباب أخرى؟
أولاً قرار اعتزالي للغناء جاء لأسباب شخصية، أولها وأهمها اندلاع الحرب اللعينه فجأةً ودون مقدمات، لذلك أقول بأنها شُنّت على أجساد المواطن السوداني الغلبان المغلوب على أمره، لا ضد الكيزان كما يدعي البعض، فكيف أغني وأهلي الذين كنت أشاركهم أفراحهم يموتون جوعاً وعطشاً ومرضاً، ويُستهدفون بالدانات ويُهدّدون بالسلاح، هذا بخلاف الحرائر اللائي تعرضن للاغتصاب أمام عائلاتهن، وخلاف الأسر التي شُرِّدت من منازلها ونزحت وعانت الاضطهاد في الغابات والصحراء بحثاً عن الأمان الذي فقدوه في وطنهم، كيف لي أن أغني في مثل هذه الظروف القاسية التي دمّـرت حياة الناس بسرقة حصاد العمر من ذهب وسيارات ومُقتنيات لا تُقدّر بثمنٍ، جاء قراري منذ اندلاع الحرب وكان عهدي بأن لا أغني مرةً ثانيةً.
*بعد ترك الغناء.. ماذا يفعل صلاح ولي الآن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟
أنا الآن خارج في سبيل الله وكل عمري سأهبه لنشر الدعوة إلى التوحيد والاجتهاد لحفظ كتاب الله القرآن الكريم ونشر سنة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، ظروفي مثل ظروف كل سوداني عانى ويلات الحرب اللعينة وأعيش على بركة الله عز وجل وهو الرزاق الكريم والعمل عبادة وليس عيباً، وظروف الحرب حتمت على كثيرين ترك تخصصاتهم والعمل في مجالات أخرى تساعدهم أكل العيش.
*ما رأيك في الفنانين الذين لم تتوقف حفلاتهم في زمن الحرب.. حفلات الكافيهات والمقاهي الليلية؟
عيب كبير على الفنانين الذين لم يوقفوا حفلاتهم رغم الحرب، والمؤسف أنهم احتلوا مسارح الدول التي نزحوا إليها وملؤها غناءً ورقصاً، في وقت نحتاج فيه التقرب لله والدعاء لإعادة الاستقرار للبلد التي لا تستحق كل هذا الظلم وإنصاف الشعب المسكين، وفي المقابل هناك فنانون يعدو بأصابع اليد لم يمسكوا المايك منذ اندلاع الحرب وحتى يومنا هذا وعندهم تتجلى معاني الوطنية.
*ماذا فقد صلاح ولي في هذه الحرب.. وما هي توقعاتك للسيناريو القادم؟
ما فقدته في الحرب بأمر المولى عز وجل وقد خلقنا الله ليمتحننا وسيعوضنا بالكثير إذا صبرنا ورضينا بقدر الله واختباره لنا، وكما قلت وأكرر كل الشعب السوداني خسر جراء هذه الحرب ونقول الحمد لله وقلبي مع الأسر المتعففة التي لا تملك قُوت يومها قبل الحرب فما بالك بهم اليوم، لا خيار في هذه الحرب اللعينه سوى انتصار جيش السودان فهو يمثلنا ودرعنا وحامي الوطن، نعم تعثّر، لكنه كان في الموعد بخُطط قادته وصبر جنوده وقريباً يعلن النصر وأتمنى بعد الحرب الاهتمام بالجيش حتى يواجه التحديات القادمة، خصوصاً وأن كثيراً من الدول تُوجِّـه سهامها على السوداني لنهب ثرواته.
*صلاح ولي تغنى للجيش في اعتصام القصر واُتُّهم بأنه “كوز”..؟
أنا ابن الجيش وعندما تم دعوتي للمشاركة في اعتصام القصر لم أتردّد، ففي الجيش تنفذ التعليمات فقط ولا تعصي القادة ومن هم أعلى منك رتبة، فعلاً تعرضت لحملة صعبة من القحاتة وصلت حد التهديد بالقتل والهجوم على منزلي، وكنت دائماً أردِّد “في سبيل الجيش كلو يهون”، وها هي الأيام والمواقف تنصفني بدليل كل الشعب السوداني الآن يدعم الجيش ويقف خلفه وعفوت لكل من أساء لي في تلك الفترة.
*رسالة للشعب السوداني الصابر المستهدف الأول من هذه الحرب؟
الشعب السوداني واجه أشرس امتحان تشرُّد وقتل، وفَقَدَ كل ما يملك، وقاوم كل الظروف من أجل أن يعيش والحمد لله تجاوز المِحنَة بصبرٍ وجلدٍ، وهذا الشعب الصابر يستحق أن يعيش في أجواءٍ خاليةٍ من الحروب، وأقولها بالصوت العالي: الشعب السوداني قادرٌ على إعمار بلده من جديد بعد استقرار الأوضاع والعودة من النزوح، وأتمنى أن تجد الأسر التعويض المناسب لتُعمِّر من جديد، وتعود أفضل مما كانت.
Share this content: