🔵 *مواسم الإرتحال…* *(و أفل قمرٌ آخر)*

🌐 *نصفُ القمر*…
✍️: *د.أيمن لطيف*..
🔵 *مواسم الإرتحال…*
*(و أفل قمرٌ آخر)*
________________________
🔘 نفَّاج:
◽ذات لقاء بيننا- وبإبتسامته المعهودة وهندامه المشهور وصوته الهاديء الرزين- حكى لي قصة إعادة قيده وتجديد ولاءه للهلال قائلاً:
هكذا حكى لي الراحل المقيم (قاقا) قصة تجديد ولاءه وحبه و وفاءه لنادي الشعب..
# ولا تعليق…
◽ثم أما بعد….
يوم الأربعاء الماضي الموافق ١٢ فبراير للعام ٢٠٢٥ نعى الناعي حبيبنا وصديقنا الصدوق الكابتن والدكتور السفير /علي الحيدر حسن حاج الصديق (قاقارين) – ليلحق بصديقه الراحل أسد الهلال فوزي المرضي.. ليخلِّف أفول قمر “الرمح الملتهب” جُرحاً أبيض (آخر) في مواسم الإرتحال الزرقاء..
◽و…. عبر تأريخ كرة القدم السودانية على وجه العموم- وعلى مدى تأريخ نادي الهلال بوجه خاص مر المئات بل الآلاف من اللاعبين المَهَرة الذين قدَّموا عُصارة فنهم وإبداعهم الكروي وما أستبقوا شيء- لكن الذين بقت ذكراهم كالناقوس الذي يدق في عالم النسيان بعد إعتزالهم كرة القدم- أو حتى بعد رحيلهم عن دنيانا- يمكن عدّهم عدَّا ؛ وأعتقد جازماً بأن (محبوب الملايين) وصديق “المريخاب قبل الهلالاب” الراحل المقيم فينا مابقينا- سعادة الكابتن السفير الدكتور الإنسان (علي قاقارين) – هو أحد أولئك الأفذاذ المتفردين الذين لن تنساهم الذاكرة السودانية- بل هو أميزهم على الإطلاق..
◽لا أكتب اليوم عن إنجازات قاقارين (هداف القمة السودانية) منذ حقبة الستينيات وحتى اليوم، وهداف الفريق القومي؛ وأحد أبطال (الأمم الأفريقية)؛ وأحد عمالقة الهلال وافضل مهاجميه عبر تأريخه المُضيء- ولن أحكي عما قدَّمه للوطن والهلال- و غير ذلك من الأمجاد الشخصية والأرقام (المتفردة) لأنني أعتقد بأن سيرة “قاقارين” الرياضية قد غطت الآفاق وسارت بها الركبان وتناقلتها الأجيال على مدى سنوات وسنوات..
◽سأحكي اليوم عن قاقارين المتفرِّد (الإنسان)- فالراحل لم يكن مجرد لاعب كرة قدم (والسلام)- ف “قاقا” الذي تشرفت بمعرفته عن قرب وجالسته في داره مراراً.. وزارني في داري (شرفاً ومقداراً)؛ وألتقينا بديار القطب الهلالي ورجل الأعمال ماجد الزبير في جلسة إخاء متفردة- لن أنساها ماحييت..
هذا الرجل (إنسان) بكل ماتحمله الكلمة من معاني المودة والتواضع والصِدق والوفاء وغيرها من القيم الإنسانية السامية؛ فقد عرفته رقيق الحاشية ، جم التواضع على الرغم من رفعة شأنه ومكانته السامقة على كل المستويات (رياضياً ، إجتماعياً، أكاديمياً، و دبلوماسياً)..
◽ (قاقارين) من القلائل الذين إستطاعوا الجمع بين (الكفر والعِلم)- حيث إلتحق بجامعه الخرطوم وتخرج فيها عام ١٩٧١م حائزاً على بكالريوس التربية آداب،، ثم سافر إلى فرنسا حيث نال دبلوم اللغة الفرنسية؛ ولم يكتف بذلك فواصل رحلته الأكاديمية الناجحة ليتحصل على الدكتوراة فى القانون الدولي العام (باللغة الفرنسية) فى جامعة نانتير بباريس بإمتياز (درجة الشرف الأولى)
ثم إلتحق (قاقا) بالسلك الدبلوماسي ليعمل سفيراً للسودان على فترات خلال ٣٥ عاما من ١٩٧٧ حتى ٢٠١٢…
◽ولأن قاقا (بحرٌ زاخر) لايمكن سبر أغواره في مقال واحد، ولايمكن تعداد مناقبه أو مآثره في مُعلّقة أو عشرة – فسأحاول إختصار سنوات معرفتي به في ثلاث محطات كل منها تحكي عن عِظم هذه الشخصية (طيبةً وتواضعاً ؛ علماً وثقافة)…
المحطة الأولى.. لقاءاتي بالراحل في منزله بأمدرمان (حي المهندسين)- والمفاجأة التي ألجمتني عند دخولي داره العامرة لأول مرة.. ثم سأتطرق -بحول الله- لتلك الجلسات و “الإجتماعات” رفقة عدد من أقطاب الهلال وأصدقاء الراحل المقربين في مجموعة (الرمح الملتهب)؛ وسأحاول إيجاز قصة ترشُّح قاقارين لرئاسة الهلال كيف بدأت ولماذا إنتهت قبل أن تكتمل بالترشُّح (الرسمي).. !!
◽المحطة الثانية.. لقاء المودة والإخاء الذي جمعنا بمنزل الأستاذ ماجد الزبير.. في جلسة “صُلح” فريدة من نوعها… وسأعرُج بعدها لناحية إجتماعية مُلفتة حين جمعتني بقاقا (صينية سمك) -تلبية لعزومته – بميدان الربيع بأمدرمان “سمك عمك هاشم”.. وكيف كان يتعامل قاقا مع جمهوره ومعجبيه- كأنه لاعب مبتديء في أحد حواري أمدر دون أن يُشعِر أحد بأنه كابتن الهلال وقائد السودان والدكتور الدبلوماسي السفير المرموق….
◽المحطة الثالثة (رحلة الكاملين).. التي رافقت فيها الراحل الذي إختارني لأتشرف بصُحبته ضمن وفد ضم عدد “محدود” من أقطاب الهلال والإعلاميين وقدامى اللاعبين وأصدقاء الراحل – حيث أظهرت لي تلكم الرحلة جوانب أخرى من التواضع “المهول”- والحب الجارف والقبول الشعبي الذي كان ينعم به نجمنا الراحل…
◽بإيجاز .. (قاقارين) رجل مختلف؛ قمرٌ وضيء ؛ لاعبٌ فذ، دبلوماسي مرموق؛ إجتماعي “درجة أولى”- متواضع حد المبالغة؛ ليِّن القلب رقيق المشاعر (فيَّاض العينين)..
قاقارين .. كتاب.. يجب أن يُدرَّس للأجيال..
ولنا عودة- بإذن من خلق الهلال..
*ضوء الختام*:
# اللهُم إرحم عبدك (علي قاقارين) وأغفر له وأجعل الجنة متقلبه ومثواه.. وألزمنا وأهله وشعب السودان الصبر الجميل..
-اللهم أرحم موتانا وموتى المسلمين..
*Dr.Ayman.A.latif*
Feb.2025
Share this content: