الفار تنعي

قال الله سبحانه وتعالى : “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتنا بل أحياء عند ربهم يرزقون” صدق الله العظيم..
بين الله -سبحانه- على شرف وفضل عمل الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، حياةً خاصة، حياةً برزخية، وهم أموات، قد حكم فيهم بأحكام الموتى، لكن أرواحهم في نعيم الجنة، في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، كما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا شرف لهم، وحث لهم على الجهاد في سبيل الله..
أن أغلى ما يعتز به الإنسان هو وطنه، لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته ومأوى كهولته ومنبع ذكرياته ونبراس حياته، وموطن أبائه وأجداده وملاذ أبنائه وأحفاده لهذا المواطن الصالح، الذي تفانى أكثر في حب وطنه، وقدّم له الغالي والنفيس والدفاع عنه، وفي حب الوطن يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
وللأوطانِ في دمِ كلِّ حُرٍّ..
يدٌ سلفَتْ وَدَيْنٌ مُسْتَحقُّ..
نعم .. دَيْنٌ مستحَقٌّ لا بدَّ من الوفاء به، وأن ألم الفراق عن الأوطان من أصعب الآلام وأشدها…
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، تتقدم أسرة صحيفة الڨار الرياضية الإلكترونية والكاتب الدكتور خبير عثمان، بخالص العزاء وصادق المواساة لأسرة المغفور له بإذن الله تعالى الشهيد النقيب مهندس طيار أسامة عبدالرحمن الحاج خالد، ونخص بالعزاء زوجته الأستاذة رحاب والوالدة الحاجة سعدية وأولاده وأخوانه عثمان ومحمد وعمر وأخواته هالة وهيبة وسارة ومحاسن؛ وللشعب السوداني بصورة عامة في الفاجعة الوطنية التي حدثت فجر الإثنين الماضي أثر استشهاد طاقم طائرة اليوشن ٧٦ في مدينة نيالا، مع الأيام المباركة من شهري شعبان ورمضان الفضيل.
رحل الشهيد بعد مسيرة طويلة امتدت لأكثر من نصف قرن في خدمة البلاد، حيث أفنى ثلثي عمره في ميادين الدفاع عن الوطن الغالي في جميع محاوره، متحملاً مسؤوليات جسام في أصعب المراحل، ومدافعا عن استقرار البلاد وأمنها، كان شاهدا على محطات مفصلية في تاريخ السودان، وكرّس حياته لخدمة الوطن بجهده وعمله، إضافة للأعمال والمساعدات الإنسانية للجمعيات الخيرية من حفر الآبار وإفطار الصائم ومساعدة المتعثرين في السداد وقضاء حوائج الناس.
غادر هذه الدنيا في شهر الرحمة والمغفرة، ونرجو أن يكون رحيله إلى دارٍ أوسع وأرحب، حيث العدالة الإلهية المطلقة والراحة الأبدية، نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته في الفردوس الأعلى من الجنة مع الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجعله من عتقاء هذا الشهر الفضيل، وأن يكرم نزله ويوسّع مدخله، ويجعله في جنات النعيم، كما نسأله تعالى أن يربط على قلوب أهله ومحبيه في مدينة الكوة، وأن يلهمهم الصبر والسلوان.
المجد والخلود للشهداء الأبرار في معركة الكرامة، الذين بذلوا أرواحهم من أجل الوطن، والتهنئة للقوات المسلحة بالإنتصارات والقوات المساندة لها، وعاجل الشفاء للجرحى..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
Share this content: