آراء

دكتور كرار التهامي : هل يصيب الهلال المرض الهولندي بعد الـ Big Push؟

الرئيس السابق يكتب عن التحديات الاقتصادية التي تواجه النادي في عصر الاحتراف

دكتور كرار التهامي : هل يصيب الهلال المرض الهولندي بعد الـ Big Push؟

مستقبل الازرق بين الوفرة وشح المال

من الصعب جدًا مقارنة نادي الهلال بمنافسيه من الأندية الكبرى التي تتفوق عليه من حيث الميزانيات والإيرادات المالية المستدامة. فالهلال، رغم شموخه ومكانته التاريخية، يأتي في مرتبة أدنى من حيث القيمة السوقية مقارنةً بالأندية المنافسة. ومع ذلك، استطاع هذا النادي العريق، بقدرة قادر، أن يصطف شامخًا بين الكبار، رغم قسوة المشوار وصعوبة التحديات.
🖍️ لم تعد الرياضة مجرد حماس وتمنيات، بل أصبحت صناعة متكاملة. فإن توفر المال نجحت المنظومة، وإن لم يتوفر، فالفشل هو النتيجة الحتمية. والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف تمكن الهلال من تجاوز حاجز الثروة والوصول إلى صفوة الأندية، حتى صار ضمن “الأقمار الثمانية” في القارة؟!
🖍️ كما يقول بعض الاقتصاديين من تلاميذ المفكر الراحل سمير أمين – الذي تبنّى ثم انتقد نظرية “الدَفعة الكبرى” (Big Push) لتطوير الاقتصادات الضعيفة – قد يتعرض الهلال لمصير مشابه، لا قدر الله، إن استمر في الاعتماد على نفس الآلية دون تطوير منظومته الاقتصادية.
🖍️ ظل الهلال، على مدى الحقب المختلفة، يتلقى الـ Big Push من رجالاته ورموزه الميسورين: من الحكيم طه علي البشير، إلى صلاح إدريس الذي أدخل رأس المال إلى ساحة الرياضة، وصولًا إلى السوباط والعليقي اللذين قدّما ما لم يقدّمه السابقون، بدفعة كبرى تعد الأكبر في تاريخ الرياضة السودانية. وهي التي رفعت القيمة الفنية للهلال، وأسهمت كذلك في تعزيز مستوى الرياضة السودانية والمنتخب الوطني.
🖍️ قد يقول قائل: “لقد بلغ الهلال مراحل أفضل في السابق.” نعم، ولكن ذلك كان في زمن مختلف، حينما كانت كرة القدم أقل تعقيدًا من اليوم. اليوم، تضاعفت مداخيل الأندية عشرات المرات بفضل الرعايات، العضويات، التمويل، واستقطاب المحترفين.
🖍️ على سبيل المثال، بلغت إيرادات النادي الأهلي المصري عام 1975 نحو 850 ألف دولار، بينما وصلت في موسم 2022–2023 إلى 75 مليون دولار، بفائض قدره 18 مليون دولار! ولهذا فاز الأهلي بدوري أبطال إفريقيا 12 مرة، رقم فلكي لا يضاهيه فيه أحد، رغم غياب ظاهرة الـ Big Push، إذ يعتمد على فكر إداري واقتصادي متوارث من جيل صالح سليم حتى محمود الخطيب.
🖍️ الهلال العظيم، على النقيض، يعتمد كليًا على الـ Big Push، وإذا ما توقفت هذه الدفعات، فقد يصاب بـ “المرض الهولندي”، أي انهيار المؤسسة بفقدان الموارد. وبالطبع، هناك عوامل أخرى لا تقل أهمية عن المال تؤثر في مستوى الرياضة، ولكن لها مقام آخر.
فما هو الحل لتفادي اصطدام سفينة الهلال بصخرة العدم وشُح الموارد؟
🖍️ الخطوة الأولى: وقف الجدل العقيم والنقد العشوائي بعد كل مباراة. تقييم الأداء من اختصاص الفنيين، وليس كل مشجع هو مدرب أو محلل. المطلوب من جماهير الهلال الوفية هو التفكير في تأسيس اقتصاد النادي، وفتح أبواب الاستثمار المغلقة، لا الاعتماد فقط على التبرعات – رغم أهميتها – بل استغلال الفرص المتاحة التي نهملها كثيرًا، بينما ننتظر الـ Big Push كما ينتظر المريض جرعته من المسكن، التي سرعان ما يزول أثرها، وحينها لا ينفع الندم.

Share this content:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock