قزاز ورذاذ
محمد الطيب الامين
وجيت أقول مبرووك عليك (5)..
أواصل في الحلقة الخامسة من قصة صديقي في ليلة زفاف حبيبته.
تتوقع الجماعة ديل ح يسافروا يمشوا شهر العسل وين؟
دا كان سؤال صديقي الذي فجر به الموقف في جبل أولياء والسمك أمامنا.
وهو سؤال خطير وخطير جداً .
وخطورة السؤال تمكن في أن صديقي فتح لنفسه بحر من الحزن لا يمكن تدراكه.
والحقيقة ان (بحر الحزن ما ليهو قيف).
وبعض الأحزان تأكل الروح مثلما (تأكل الأرضة الخشب).
المهم.
غسل (وشو) من (جك الموية) الجابتو ست الشاي ، ولميت السمك في الجريدة وشلناهو سفري.
لميت السمك وكذلك لميت مشاعري ، بينما مشاعره هو كانت مبعثره لدرجة بعيدة.
ولحدي تاريخ اللحظة يشهد الله أنا لا أعلم السمك مشى وين والأكلو منو ونزلناهو متين ووين ؟
الحاجة الوحيدة الأنا بتذكرها إنو (أنا وصديقي) ما أكلنا السمك دا لكن أديناهو لمنو والله ما متذكر.
المهم .. طلعنا من الجبل.
وأنا مصاب بإحباط شديد لأن المعاناة ياداب بدأت الآن عكس ما كنت أظن إنها قد إنتهت أمس الجمعة بإنتهاء الزفاف.
ونحن في الطريق من الجبل ، تقريباً كل خمس دقايق صديقي بتنهد تنهيدة (بكا) بدون مقدمات.
فجأة بدون أي مقدمات بتنهد وببكي دقيقة أو دقيقتين وبسكت.
تاني بعد خمس دقايق بكرر نفس الحركة.
لحدي ما وصلنا بيتهم.
وقفت قدام بيتهم قال لي لالا ما نمشي البيت.
قلت ليهو نمشي وين ؟ قال لي أي محل.
قلت ليهو ما مشكلة أنت وريني داير تمشي وين ونمشي؟
قال لي المهم ما نمشي البيت.
طلعت بيهو (حوش جامعة النيلين).
وإختياري لحوش النيلين لمعرفتي الشديدة بحبه الكبيرة لباكمبا (سلمى).
سلمى صاحبة الباكمبا .. تلك الجميلة التي كانت في حوش النيلين زي (الوجنة في الخد الناعم).
هي فتاة كنا نخشى عليها من نار المنقد (الكانون) وكذلك نخشى عليها من (الهبابة).
من الرقة الفيها كنا بنشوف إنو الهبابة تقيلة علي يدها فما بالك بالصينية والكبابي والنار وشمس الصيف .
وقد صدق فنان الشمال النجم طارق العوض في أغنية (ليه يا وفاء) .. (أقرأ النص بلهجة الشايقية) حيث غنى قائلاً :
حيلك كلو في عينيك والإيد ما خلق لها حيلي
إيدك تتعبها الهبابة والعين متعبالا قبيلي
يا وفاء ليه بتردي الموية إنت حرام عليك تشيلي
ما كان حقو تمليء الباقة عشان هي فاضية عليكي تقيلي.
سلمى إستقبلتنا بالإبتسامة الواسعة والعيون المطمئنة والتوب الليموني الذي (روق عصب النهار).
قصة سلمى دي ربما أحكيها في زمن جاي ، فهي فتاة شديدة الأدب والجمال كانت تعمل في حوش النيلين ، الحوش الذي يتردد عليه حوالي ألف شاب في اليوم ومع ذلك طلعت منهم مثل (الشعرة من العجين).
المهم.
قعدنا في حوش النيلين حوالي ساعة بالضبط.
ساعة زمن لما تفلح في تغير مزاج صديقي.
بل تعكر مزاجه وأصبح يتصبب عرقاً.
مع إنو الجو معتدل.
والتصرف الذي أصابني بالخلعة ان صديقي كل شوية كان (بيقوم من الكرسي بنفض البنطلون بيدينو الأتنين من ورا وبقعد تاني).
كرر الحركة دي تلاتة مرات.
حركة لم أجد لها تفسيراً حتى تاريخ هذه اللحظة.
المهم..
شرب ليهو نص كباية نعناع خالي سكر وطلعنا.
طلعنا على بيتهم.
دخلنا الصالون ، رقد في السرير بي جزمتو.
وأنا حاولت برضو أخد غمضة.
وما بين نايم وصاحي جات (أمو) بتنادي.
طلعت ليها قالت لي هاكم القهوة.
شلت القهوة ورجعت الصالون عاينت لصاحبي لقيتو غرقان في العرق.
والله يا جماعة (عرق) بلل الملابس وحتى الملايا.
كلمت أمو جات (حنستو) للقهوة.
رفض.
قالت دا هبوط.
نمشي المركز الصحي في الحلة.
قال ما بمشي.
طلعت المركز جبت دِرب ومعاهو ممرضة.
بعد الدرب فتح ولكنه منهك ، سارح ، شارد ، وحيلو ميت.
لا نوم لا أكل.
حالتو كانت أشبه بحالة مريض الملاريا الذي قطع العلاج.
أمو قالت لي : هسه عليك صاحبك السجمان دا بنات أهلو يتشاكلو فيهو شكل وكلهن زي القمر وهو يبكي على واحدة اتزوجت ؟
قلت ليها لالا هو ببكي إتذكر الحاج الله يرحمه.
قالت لي هو لو أبوهو كان عايش ما بعمل عمايلو دي.
صديقي وبحالته التي شهدت تدهوراً كبيراً وواضحاً يوم السبت (اليوم الثاني للمناسبة) أدخل حالة من الحزن في قلب والدته وشقيقته.
عمل جو ما سمح في بيتهم.
وكتييير بلقى أختو بتبكي عليهو.
وأكثر ما أصابهم بالقلق والخوف والحزن هو عدم إستجابته للأكل وعدم الرد عند سؤاله.
وحرفياً هو في اليوم دا يمكن اتكلم تلاتة مرات فقط.
التلاتة مرات واحدة كانت في الجبل لما سألني من شهر العسل.
والمرة التانية لما قال لي نمشي أي حتة غير البيت.
والمرة التالتة لما قال ما داير قهوة وما بمشي المستوصف.
عدم الكلام والأكل أدخل حزن وكآبة شديدة في بيتهم الصغير.
هذا البيت الذي كسره الحزن قبل تلاتة سنوات برحيل والدهم الذى توفي فجأة وهو جالساً في صينية العشاء.
وقد كانت وفاة والدهم صدمة ترتب عليها حزن غير حتى ملامح والدتهم.
ح أقيف هنا وأواصل غداً إن شاءالله في الحلقة السادسة وهي الحلقة التي ظهرت فيها (أختو) بصورة أوضح .
و…..
وجيت أهنيك وأصافحك وجيت أقول مبروك عليك 💔💔
#محمد_الطيب_الأمين
Share this content:
