تكرار السيناريو

مـــــــوجة بحــــــــر
🔵 بقلم ||خالدة البحــــــر
مع كل خروج أفريقي لنادي الهلال، يتصاعد الجدل المعهود، ويعود الانقسام في الآراء ليطفو على السطح.
فبالنظر إلى العشرين عاماً الماضية، نجد أن المشهد يتكرر بتفاصيله ذاتها.
فهناك من يرى أن سبب الإخفاق الأفريقي يكمن في الإدارة والجهاز الفني بتكرار الأخطاء،
بينما يشدد آخرون على أن الإدارات تتكفل بتسيير النشاط من مالها الخاص،
ويستحقون الشكر بدلاً من اللوم.
ويبدو أن الخوف من رحيل الإدارات نتيجة للانتقادات المتكررة يتكرر عبر التاريخ.
هذا الخوف من فقدان الدعم المالي للنادي يمثل سيناريو مألوفًا.
فقد شهدنا هذا الجدل على سبيل المثال في فترتي رئاسة صلاح إدريس والبرير، ثم في عهد الكاردينال،
وها نحن نراه يتجدد في فترة رئاسة السوباط منذ اللجان التسييرية الأولى والثانية وصولًا إلى المجلس المنتخب.
الضجيج هو نفسه، لكن الأسماء والتواريخ تتغير.
بدايةً، لا ينكر أحد الدور الذي تقوم به الإدارات المتعاقبة في تسيير نشاط النادي ودفعها من مواردها الخاصة، وهذا يستحق الشكر والتقدير.
لكن هذا العطاء لا يمنح حصانة ضد النقد أو يبرر تكرار الأخطاء. فتكرار الأخطاء يعد إهداراً للوقت والمال معاً.
والسؤال الذي يلح هنا: لماذا لا تتوقف هذه الإدارات لدراسة أسباب الإخفاق السنوي بجدية، ومن ثم وضع الحلول الناجعة؟
بالنسبة للإدارة الحالية، نشكرها على جهودها المقدرة، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا.
ولكن هذا لا يسوغ الصمت عن الأخطاء التي يمكن تداركها، بل الواجب يحتم علينا الإشارة إليها لتلافيها في المشاركات القادمة.
فخروج الهلال أمام الأهلي المصري لم يكن مرده قوة الأخير وضعف الأول فحسب، بل نتج عن أخطاء إدارية وفنية.
تجلى ذلك في عدم معالجة الأخطاء التي شابت أداء الفريق في دور المجموعات، وقد كانت الفترة الزمنية كافية لتصحيح أي خلل.
فبين مرحلة المجموعات ودور الثمانية، امتدت فترة شهرين لم يستثمرها الهلال في إصلاح الأخطاء والعمل على سد النواقص في الفريق.
ويعود السبب في ذلك ربما إلى اكتفاء الفريق ببلوغ دور الثمانية، وكأنه الهدف المنشود لهذا العام، متناسياً أن العودة في العام القادم قد تبدأ من نقطة الصفر في الدور الأول،
وأن الفرق المنافسة قد تتغير، وأن الوصول إلى نفس المرحلة ليس مضموناً في عالم كرة القدم المتقلب.
لقد قام الإعلام والجمهور بواجبهما تجاه الفريق على أكمل وجه منذ إعلان التأهل لدور الثمانية.
فعندما أسفرت القرعة عن مواجهة الأهلي المصري، تجاوز الأنصار مرارة الأحداث التي صاحبت آخر لقاء من إساءات عنصرية وبذاءة من جانب جمهور الأهلي.
وتحامل الجمهور والإعلام على الجراح الناتجة عن تلك الإساءات، وأداروا المعركة بهدوء، ولم يكن هناك أي توتر أو استفزاز للجانب المصري إلا في حدود ضيقة تم تجاهلها.
بل تم تجاهل حتى الاستفزازات والمساحات التي كانت تصدر من بعض الصفحات المنسوبة للنادي الأهلي، وأيضاً بعض الصفحات المريخية التي لا ناقة لها في البطولة.
إضافة إلى اللفتات الرائعة التي حملها أولتراس الهلال ومشجعوه، والتي تشكر مصر على وقوفها مع السودان خلال محنة الحرب، مما خلق جواً شبه مثالي،
ودخل الفريق المباراة دون توتر أو تشتيت ذهني كما كان يحدث في المباريات السابقة.
كما نشيد بالدعم المعنوي الذي منحه شباب الأولتراس للفريق في التدريب قبل المباراة،
وبدور الإدارة والمنسوبين إليها الذين امتثلوا للأوامر العليا بالتزام الصمت وعدم التصريحات المستفزة.
أما الأخطاء الإدارية، فقد تمثلت في عدم الجلوس مع الجهاز الفني ودراسة أسباب تدهور أداء الهلال في مباريات الإياب،
حيث حصد نقطة واحدة من تسع نقاط وسجل هدفاً واحداً واستقبل ستة أهداف، والعمل على تصحيح الأوضاع وسد أي نقص.
إضافة إلى إهمال الجانب النفسي بعدم تعيين معد نفسي،فالأدوار الإقصائية تحتاج إلى إعداد نفسي خاص.
فضلاً عن ذلك، تم تصدير شعور للاعبين بأنهم حققوا الهدف المنشود بالوصول إلى دور الثمانية وأن المهمة انتهت.
ولم تعمل الإدارة على إضافة لاعبين، كما صرح مسؤول القطاع الرياضي بأن التكلفة ستكون عالية على الإدارة لدفع مستحقات هؤلاء اللاعبين بعد الخروج الأفريقي،
في إشارة صريحة منه إلى توقع الخروج، وبالتالي لا داعي لتسجيل لاعبين يرهقون خزينة النادي.
وعلى الصعيد الفني، لم يتم التعامل مع الأهلي بالصورة المطلوبة ودراسته بعمق.
فعلى الرغم من أننا وكثيرين أشرنا إلى نقاط قوة وضعف الأهلي وكيفية التعامل معها ومباغتته وهزيمته، إلا أنه لا حياة لمن تنادي.
شهران ضاعا سدى لإصرار فلوران على طريقته غير المثمرة وعدم إيجاد بدائل لها عندما يعمل المنافس على إبطالها.
وحتى خلال المباراة الأولى، لم يحرك الجهاز الفني ساكناً لإجراء التغييرات الصحيحة. وبعد المباراة الأولى،
توقع الجميع إلا فلوران أن كولر مدرب الأهلي سيراقب أطراف الهلال، وخاصة جان كلود الذي كان مصدر إزعاج لهم.
وكان على الهلال تغيير خطته باللعب بلا مركزية والهجوم من العمق.
وحتى بعد بداية المباراة وظهور ما توقعه الجميع، ظل فلوران في جموده وحيرته الواضحة.
إضافة إلى ذلك، صدرت تصريحات عجيبة من فلوران أظهر فيها إعجاباً مبالغاً فيه بالأهلي، مما قد يكون أوحى للاعبيه شعوراً بأنهم لن يستطيعوا هزيمته.
نعم، يجب احترام الخصم، ولكن يجب أن نملك الثقة في قدرتنا على الانتصار حتى لو كان المنافس أعلى كعباً منا.
من السلبيات المعروفة أيضاً أن اللاعبين المصريين يسعون لاستفزاز لاعبي الخصم المؤثرين بالإساءات والعبارات الجارحة لإخراجهم من أجواء المباراة.
وقد نوهنا بذلك، وطالبنا الجهاز الفني بتنبيه اللاعبين، وضرورة حماية اللاعبين لبعضهم البعض،
لكن هذا لم يحدث كما رأينا في العديد من اللقطات، حيث كان جان كلود محاصراً بثلاثة أو أربعة لاعبين يتعرضون له،
ولا يوجد أي من لاعبي الهلال بالقرب منه لمنع لاعبي الأهلي من التعرض له.
لقد سنحت لنا فرصة للتقدم في البطولة، لكننا فرطنا فيها بسبب أخطائنا أولاً، وليس بسبب قوة الخصم.
فلو لعب الهلال بكل إمكانياته وبذل قصارى جهده، لما كان في القلب حسرة، ولرضي الجميع بالنتيجة.
فإذا أردنا التقدم في البطولة وإحرازها، علينا أن نواجه أنفسنا بصدق ونعترف بالأخطاء والعمل بالطريقة الصحيحة لنيل البطولات.
أما ما نقوم به الآن فهو مجرد اجتهادات، وللأسف يشوبها الكثير من الأخطاء.
موجة:
عادت من جديد نغمة المشاركة في الكونفدرالية. لكن العلة ليست في أي بطولة نلعب،
بل في الفريق نفسه الذي ينقصه الكثير على الصعيد الإداري أولاً، ثم الفني،
حتى يستطيع المنافسة بجدية في أي محفل قاري.
اللهم أنصر الجيش السوداني والهلال فوق كل أرض وتحت كل سماء
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
الحمد للـه الذي جعل الهلال ميقات للناس وتاج يزين هأَمات المآذن.
Share this content: