قدمان تحفظان توازن الاحلام

وشوشة الرياح
بقلم ||
أنور بنعوف
قدمان تحفظان توازن الاحلام
ما الذي يجعل لاعبا يلامس الكرة كأنها قطعة من قلبه؟
ما الذي يجعلها تطيعه كما تطيع اليد ظلها؟
إنه جان كلود، الفتى الذي جاء من حيث لا تصل الكاميرات، من بلد لا تذكر في خرائط التاريخ الكروي إلا هامشا… من بوروندي.
بوروندي، ذلك البلد المتواضع كرويا، الذي لم يحلم يوما أن تصدر شوارعه نجما يشبه ضوء الفجر حين يباغت مدينة نائمة.
لكن المعجزة لا تسأل عن الجغرافيا.
وها هو جان كلود يكتب اسمه في دفتر الهلال، حرفا بارزا في جملة فنية، لا يشبه أحدا.
يلعب كمن تعلم الكرة سرا
كأنها علم تورثه أمهات بوروندي في حكايات ما قبل النوم، لا في الأكاديميات.
حين يلمس الكرة، لا يترك أثرا… بل يترك فكرة
فكرة تقول إن اللعب ليس جريا فقط، ولا مراوغة مفرطة، بل إيقاع داخلي، يسمعه اللاعب وحده
في كل لمسة، تجده يهمس لها، يميل بها، ثم يرسلها في توقيت لا يدرس وكأنه لا يريد أن يسجل… بل يريد أن يذهل
ما الذي يحفظ قدميه عن السقوط؟
ربما الفقر
ربما ذاكرة الطفولة التي عرف فيها الحذاء حلما، فاحترم قدميه وأبقاهم على أهبة الجمال
أو لعلها نعمة الندرة؛ أن تكون القادم من بلد لا يراهن عليه، فتجعل من كل فرصة عرضا مسرحيا تبهر به المتفرجين
جان كلود لا يحتاج إلى ضوضاء الصحافة، ولا إلى أضواء الميديا
موهبته تمشي في صمت… لكنها لا تمر مرور العابرين
هو لم يأت للهلال كرقم في دفتر التسجيلات، بل أتى كصوت مختلف في جوقة التكرار
يلعب وكأن الكرة تعرفه من قبل
كأنها تختاره بين الجميع، وتقول له: افعل بي ما شئت
انه جان كلود يا سادة
فن ولعب وريادة
………
الرحمة والمغفرة لروح والدتي و والدي واخي
واسأل الله ان يسقهم من الغمام ويهب عليهم نسائم الجنان روح وريحان
وجميع موتي المسلمين
آمين
صلوا علي الحبيب
تحياتي….
Share this content: