وشوشة الرياح

كشف الهلال بين الوفاء والمجاملات.. هل آن أوان المراجعة*

*وشوشة الرياح
بقلم: أنور ابنعوف
كشف الهلال بين الوفاء والمجاملات.. هل آن أوان المراجعة*

الهلال اليوم لا يعاني من شح في الموارد، ولا من قلة طموح. العليقي، رجل المرحلة، يعمل بهدوء وصمت يُحسد عليه، ينفذ الصفقات دون ضجيج، ويمضي خلف أهدافه الاستراتيجية بثقة الكبار. الهلال في عهده بات نادٍ يفاوض بجاذبية، ويوفر المعينات كافة للجهاز الفني، من معسكرات، وإعاشة، ومعدات، وأجواء مهنية لا تقل عن الأندية الكبيرة في القارة.
لكن وسط كل هذه النجاحات التي تُبنى، يبرز سؤال ظل يتكرر في أحاديث الجماهير وأوراق الصحفيين: لماذا لا تزال بعض الأسماء الوطنية تحتفظ بمقاعدها في كشف الفريق، رغم أنها لم تعد تقدم الجديد؟ هل هو باب للوفاء؟ أم للمجاملة؟ أم أنه فقط تأجيل لقرار شجاع لا بد أن يتخذ؟
الواقع يقول إن دوري أبطال أفريقيا لا يقبل بنصف جاهزية، ولا يعترف بالأسماء التي تعيش على رصيد المواسم الماضية. البطولة تحتاج لكشف قوي، متوازن، لا فرق فيه بين الأساسي والبديل، ولا مكان فيه لمجاملات أو مساومات. فالنجاح القاري لا يُصنع فقط بالصفقات الأجنبية، بل بكتلة فريق كاملة تنسجم وتتنافس وتقاتل
ما ينجزه العليقي في ملف المحترفين يستحق الإشادة. التعاقد مع لاعبين أجانب بمواصفات عالية، إضافة للجهاز الفني الروماني بقيادة ريجكامب، لم يكن سهلًا في ظل الظروف الأمنية والسياسية والمالية التي تمر بها البلاد. ومع ذلك، استطاع الهلال أن يجذب أسماء لها وزنها، وأن يُعيد ترتيب أوراقه من جديد.
لكن، في المقابل، فإن التمسك ببعض اللاعبين المحليين، الذين لم يعد لديهم ما يقدموه، يُعد مخاطرة بمشروع يُفترض أنه يستهدف الذهب. نحن لا نتحدث عن الوفاء، بل عن التقييم الفني الصارم. اللاعب الذي لا يستطيع الحفاظ على نسق مستقر في الأداء، أو تطوير أدواته بما يتناسب مع طموحات المرحلة، يجب أن يُفسح المجال لغيره.
الساحة السودانية حبلى بالمواهب، والهلال قادر على أن يستقطب الأفضل منها. فلماذا الإصرار على بقاء أسماء لم تُضف الجديد منذ موسمين أو أكثر؟ إن الاستمرار بهذا الشكل، حتى مع أفضل مدرب وأقوى محترف، سيجعل الفريق هشًا في لحظات الحسم، لأن البناء السليم لا يقوم على أعمدة متهالكة.
المطلوب اليوم، وبصوت عالٍ، أن تُراجع إدارة الهلال الكشف الوطني، وتضع الكفاءة فقط معيارًا للبقاء. لا نريد أن نجد في دكة البدلاء أسماءً لا يستطيع المدرب الاعتماد عليها، ولا نريد أن تُضيع المجهودات الكبيرة بسبب مجاملة لا محل لها في لغة البطولات.
الهلال مقبل على موسم صعب، وتحدٍ قاري أكبر من كل ما مضى. والذين يريدون المشاركة من أجل الشعار فقط، عليهم أن يُفسحوا المجال لمن يريد أن يُقاتل من أجل البطولة. ففي بطولات الكبار، لا مكان إلا للمقاتلين

Share this content:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى