وشوشة الرياح

: *اتحاد بلا بوصلـة.. كيف تُدار الكرة* السودانية في العتمة؟

وشوشة الرياح –
،✍️ أنور ابنعوف
: *اتحاد بلا بوصلـة.. كيف تُدار الكرة* السودانية في العتمة؟

ما جرى مؤخرًا داخل أروقة الاتحاد السوداني لكرة القدم لا يمكن تجاهله أو تبريره تحت أي ذريعة، بل هو مشهد عبثي يعكس كيف تُدار الرياضة في السودان، بعيدًا عن المؤسسية والاحترام والشفافية. في الوقت الذي تتطلع فيه جماهير الكرة إلى موسم منضبط ومحسوب، نفاجأ بتعديل رسمي على لائحة تخص اللاعبين الأجانب تحت السن، تم دون علم مجلس الإدارة، ولا حتى عرضه في اجتماع رسمي، والكارثة أن من يقف خلف هذا التعديل هو أحد نواب الرئيس النافذين.
الصورة التي انتشرت وفيها الفقرة المعدلة، والتي تم حذف شرط أن يكون اللاعب الأجنبي تحت السن من مواليد السودان، أثارت ضجة واسعة لأنها كشفت أن التعديل تم خلف الكواليس، بعيدًا عن النظام الأساسي أو أي شكل من أشكال الشفافية. حين تُعدّل لائحة بهذه الأهمية بقرار فردي، فاعلم أن الاتحاد يعيش حالة من الانفلات الإداري.
عضو بمجلس الإدارة نفسه أكد أن التعديل لم يُعرض على الاجتماع الأخير، وأن ما تم هو تجاوز صريح للمجلس، بل وعد بتقديم احتجاج رسمي بناء على محضر الاجتماع الذي يخلو من أي ذكر لهذا التعديل، وهذا بحد ذاته كفيل بإثارة أزمة قانونية وأخلاقية تضرب الموسم قبل بدايته.
الخطورة في أن هذه السابقة تفتح الباب لشكاوى قانونية قد تؤثر في سير المنافسة، بل قد تؤدي لإلغاء نتائج أو إعادة مباريات إذا ثبتت مشاركة لاعبين بشكل غير قانوني، لأن التعديل لم يصدر وفق المسار القانوني المعروف. اتحاد لا يحترم آلياته ومؤسساته هو اتحاد يجر الأندية واللاعبين والجماهير إلى مستنقع الفوضى.
الأدهى أن هذه ليست الحادثة الأولى، بل تكرار لنمط مقلق من التفرد بالقرارات داخل الاتحاد، ما يطرح سؤالًا ملحًا: من يدير الكرة السودانية؟ هل هي مؤسسات منتخبة ومسؤولة أمام الجمهور، أم أفراد نافذون يرون أنفسهم فوق المحاسبة؟
الاتحاد السوداني فقد الكثير من ثقة الوسط الرياضي بسبب هذا النوع من الإدارة المرتبكة، وقد بات واضحًا أن بعض من في القيادة لا يعيرون أي اهتمام للحوكمة أو العمل الجماعي، بل يتصرفون وكأنهم أوصياء على اللعبة، لا شركاء في إدارتها.
ما يحدث الآن ليس مجرد خلل إداري بسيط، بل هو انكشاف خطير يوضح أن الاتحاد بات يحتاج إلى عملية إصلاح جذرية تبدأ من الداخل، تشمل القوانين، آليات اتخاذ القرار، وطرق المحاسبة، حتى لا تستمر كرة القدم السودانية رهينة للأمزجة والقرارات الفوقية.
إن احترام اللوائح لا يكون بالشعارات، بل بالممارسة. وإن الحديث عن تطوير الكرة السودانية لا قيمة له إذا كانت اللوائح تُعدّل خارج الاجتماعات، وإذا كان أعضاء المجلس لا يعلمون ما يُدار باسمهم.
إن كرة القدم السودانية اليوم تقف أمام مفترق طرق، إما أن تُدار وفق أسس واضحة ومؤسسات محترمة، أو تظل تدور في حلقة من الفوضى والتراجع والمشاكل القانونية التي تهدد كل موسم جديد.
ننتظر أن يخرج مجلس الإدارة بموقف واضح من هذه الحادثة، لا بالصمت أو التبرير، بل بالإجراءات التصحيحية ومحاسبة من تجاوز، لأن الصمت هو مشاركة ضمنية في هذا العبث.
الجماهير، الإعلام، الأندية، واللاعبون جميعًا يجب أن يرفعوا الصوت عاليًا، لأن ما يحدث لا يخص الاتحاد فقط، بل يمس كل من ينتمي لكرة القدم السودانية.

تحـياتي…

#وشوشة_الرياح
أنور ابنعوف

شارك الخبر على:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى