
الرؤية الفنية
وشوشة الرياح
بقلم || أنور ابنعوف
الرؤية الفنية
ما عاب الهلال في كثير من المواعيد، وما أوقعه في فخ النتائج المخيبة، ليس ضعف اللاعبين ولا قلة الإمكانيات، بل هو غياب الرؤية الفنية الواضحة في توظيف القدرات الفردية داخل منظومة جماعية. والأمثلة أكثر من أن تُحصى،
لكني سأبدأ من النموذج الأقرب والأوضح: *ياسر مزمل*.
ياسر مزمل ليس مجرد جناح عادي. هو لاعب يملك سرعة خارقة تجعله سلاحًا مرعبًا على الأطراف وهو بالاساس ليس هدافا ولكنه جناح اسسيت، خاصة حين تدخل عناصر الدفاع الخصوم في حالة إنهاك بدني مع مرور الوقت.
قدرته على الانطلاق في المساحات الضيقة وفتح الملعب من الأطراف، تجعله أحد أفضل أوراق الهلال التكتيكية، بشرط أن يُستخدم في توقيته الصحيح. ياسر، نفسياً، من اللاعبين الذين يتحفزون عندما يدخلون كبدلاء، فتجد لديه رغبة في إثبات
الذات وترك البصمة، أكثر مما تجده عند إشراكه من بداية المباراة حيث يتراجع مردوده تدريجياً الامر ذاته كان مع مخضرمي الهلال الذين لن ينساهم التاريخ المهندس وبشة والغزال مهند الطاهر بشة كانت الدكة له مراجعة الدرس ومهند كانت له
الحافز النفسي لاثبات الذات.
الأمر ذاته ينطبق ايضا على *عبد الرؤوف يعقوب (رووفا)*، اللاعب الذي أجمع عليه جمهور السودان كله، قبل أن يجمع عليه الفنيون. رووفا موهبة نادرة، يملك الذكاء والتمريرات القاتلة، والاحتفاظ الإيجابي بالكرة، وهو واحد من القلائل الذين يجعلونك
تتابع المباراة بعين فنية لا عاطفية. لكن هذا النوع من اللاعبين أيضًا يحتاج لبيئة فنية تفهم متى توظفه ومتى تحميه من الاستهلاك البدني والنفسي.
رووفا ليس لاعب تسعين دقيقة، بل هو ذلك الكرت الرابح الذي تقلب به الطاولة في الشوط الثاني، حين تتعقد الأمور، وتحتاج إلى فنان يكسر الرتابة ويخلق الفارق من لا شيء.
ما يحدث في الهلال من إصرار غريب على إشراك هذه النوعية من اللاعبين منذ البداية، لا يضر فقط بمردودهم الشخصي، بل يضر الفريق بأكمله. إذ يفقد الهلال تلك اللمسة الفنية التي كانت تصنع الفارق في الشوط الثاني، وتربك حسابات الخصوم.
كرة القدم الحديثة لم تعد قائمة فقط على الأسماء الكبيرة، بل على توقيت دخولها للملعب.
الفريق الذي يريد البطولات يجب أن يعرف كيف يدير أوراقه. التدوير لا يعني فقط تغيير اللاعبين من مباراة لأخرى، بل معرفة متى توظف كل لاعب ومتى تحتفظ به ليكون حلاً عند الحاجة.
الهلال لا تنقصه العناصر، بل تنقصه قراءة المباريات، واستخدام أدواته كما يجب. مزمل ورووفا ليسا لاعبين عاديين، لكن في سوء التوظيف قد يبدو الأبطال باهتين، وتُهدر طاقاتهم على عتبة القرارات الفنية.
ربما حان الوقت ليعرف أهل الهلال أن البطولة لا تُنتزع فقط بمن يبدأ المباراة، بل بمن يُنهيها.
تحـياتي ….
شارك الخبر على: