السودانيون كلهم سافروا بدون نية وبدون وداع

قزاز ورذاذ
الطبيب في مستشفى النو ينظر لوالدة صديقنا ثم يخاطبها قائلاً : يا حاجة لازم تشربي سوائل كتير وتأكلي بيض وبرتقال وتفاح كذلك.
والحاجة نظرت إليه باستغراب ثم باغتته قائلة بسخرية : ها الغبيان دا أنا لو بأكل بيض وتفاح بجيك هنا عيانة ؟
والحاجة بهذه الكلمات لخصت كل الحكاية وأكدت أننا شعب يمرض مما يأكل أو يمرض مما لا يأكل.
يا أكلنا أكل عمل لينا مرض.
ويا كمان في أكل ما أكلناهو فمرضنا.
يحدث هذا في بلد الأرض فيها لو شمت ريحة موية بتنجب.
الأرض في الباوقة عندها قدرة على إنتاج تفاح تبخل به حتى الأرض في لبنان.
ثم حدثهم عن منقة شندي ولا تنسى برتقال جبل مرة (أبو صرة) وصمغ كردفان والتبلدي والجزيرة وسنار والشمالية والنيل الأبيض وكسلا والبحر الأحمر والدمازين .
البلد دي تحتاج لإبن حلال يخاطب الأرض ويخرج منها ما يعز الإنسان والحيوان وساعتها سنغني :(حتى الطير يجيها جيعان ومن أطراف تقيها شبع).
فهل في ود حلال ..؟ ؟
عندما أتذكر أن سيدنا سليمان عليه السلام (تفقد الطير) وقال : (مالي لا أرى الهدهد).
عندما أتذكر هذا النص القرآني الفاخر تجدني أشفق على رؤساء السودان من يوم الإستقلال ولحدي تاريخ الليلة.
أما لما اتأمل ما قاله سيدنا عمر بن الخطاب : (لو عثرت بغلة في العراق لخفت أن يسألني عنها الله لما لم تسو لها الطريق يا عمر).
سيدنا عمر خايف يسألوهو من (بغلة إتعترت في العراق).
والبغلة حيوان (أبوهو حمار وأمو حصان).
مخافة الله والتواضع والحرص على الرعية أمور عظيمة لا يعرفها إلا من عرف الله فعلاً وليس قولا.
إذا لما ينتبه المسؤولين في السودان لمخلفات الحرب وبقية الأشلاء المدفونة دفن عشوائي في الشوارع والبيوت والميادين إذا لم ينتبهوا لذلك فإن الخريف سيدخل الناس في سلسلة وباء الله وحده يعلم خطورته وتأثيره وضرره.
نحن لا طير ولا بغل .. نحن بشر ولذلك إنتبهوا لنا .
حليلو قال (ناوي) السفر.
عثمان خالد وحمد الريح في الأغنية دي ببكوا على (زولة) ياداب (ناوية) السفر.
لسه ياداب عندها (نية) تسافر.
مجرد نية ساكت.
(ناوي) لسه ، لا حدد زمن السفر ولا حدد اليوم.
الجرسة الفي أغنية (إلي مسافرة) مناسبتها (زولة ناوية السفر).
والله أنا لو محلها أخلي السفر دا ليوم الدين .
قال :
(كيف الوداع لما يحين وقت السفر) ؟
ياخ أنت ما تصبر لحدي ما يحين وقت السفر .
زول سفرو ما حددو معقولة أنت تشيل هم من الليلة ؟
في ناس بتخاف من (لحظات الوداع) أكتر من السفر ذاتو .
زي الزول البخاف من (إبرة الفحص) أكتر من (نتيجة الفحص).
طبعاً في روايات بتقول إنو عثمان خالد كتب الأغنية دي في (أختو).
وأنا من حقي أشك إنو الأغنية إتكتبت في أختو .
أنا شاكي.
المهم .
ختم الأغنية بقوله :
أهديك عيوني عشان أستريح ما الدنيا بعدك ما بتسر.
دا كلووو والزولة دي (ناوية) السفر بس .
غايتو الله ينزع العافية من جسم حميدتي خلى السودان كلو يسافر بدون نية .
السودانيون كلهم سافروا بدون نية وبدون وداع .
قالوا : (إن غاب نصفك لا تكمل فراغك بالعابرين).
ونحن في الحرب دي بقينا (عابرين في حياة ناس) وفي (ناس بقوا عابرين في حياتنا) .
غايتو ما معروف بعد الحرب تنتهي نرجع لناسنا الزمان ولا نواصل مع العابرين ديل.
Share this content: